responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المعجزة الكبرى القرآن المؤلف : أبو زهرة، محمد    الجزء : 1  صفحة : 271
وانظر إلى قصة إبراهيم -عليه السلام- مع أبيه وقصته مع قومه -وقد ذكرناهما في موضوع القصص، فإنك ترى في القصتين أدلة التوحيد واضحة قوية تثبت بطلان عبادة الأوثان، ولإبراهيم من بين الرسل مكانته عند العرب؛ إذ هو شرفهم ومحتدهم الذي إليه ينتسبون، وقد كانوا يزعمون أنهم على ملته، فإذا جاءهم الخبر بتوحيده ومحاربته للأوثان، وسبق لهم ما كان يحتج به على قومه، كان ذلك مؤثرًا أيّ تأثير في قلوبهم.
ومجيء الدليل على لسان رسول يقرّ بفضله المخالفون كإبراهيم عند العرب، وموسى عند بني إسرائيل، يعطي الدليل قوة فوق قوته الذاتية، إذ تكون الحجة قد أقيمت عليهم من جهتين، من جهة قوة الدليل الذاتية، ومن جهة أن الذي قاله رسول أمين يعرفونه، فيكون هذا قوة إضافية، وفوق ذلك فيه إلزام وإفحام؛ إذ إنهم يدعون أنهم أتباعه.
وقد يجيء الدليل أحيانًا في قصص القرآن على لسان حيوان في قصة، فيكون ذلك غرابة تستعري الذهن، وتثير الانتباه وتملأ النفس إيمانًا بالحقيقة، كما جاء على لسان الهدهد في سورة النمل؛ إذ يقول الله -سبحانه وتعالى- حاكيًا عن سيدنا سليمان -عليه السلام: {وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ، لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ، فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ، إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ، وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ، أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا ُعْلِنُونَ، اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [النمل: 20-26] .
وترى من هذا أنَّ دليل التوحيد جاء على لسان الهدهد في أوجز عبارة، وأوضح إشارة، ألا تراه ينبه إلى بطلان عبادة الشمس من دون الله؛ لأنها لا تؤثر في الإبداع والإنسان بذاتها، وبيَّنَ أن ذلك الضلال للفطرة، إنما هو من تزيين الشيطان الفاسد الأفكار، وجعلهم يبتعدون عن حكم الفطرة الإنسانية، وهو أن يسجدوا لله تعالى الذي يخرج المخبوء من البذور والنوى، وكل أسباب الوجود، وهي مختفية عن الشمس وضوئها، فإذا كان لها تأثير ظاهري في الظاهر الذي خرج من الخبء، فما يكون تأثيرها فيما هو خبء، لا تأثير لها فيه لا ظاهرًا ولا خفيًّا.
قياس الخلف:
156- قياس الخلف هو إثبات الأمر ببطلان نقيضه؛ وذلك لأنَّ النقيضين، لا يجتمعان، ولا يخلو المحل من أحدهما، كالمقابلة بين العدم والوجود، والمقابلة

اسم الکتاب : المعجزة الكبرى القرآن المؤلف : أبو زهرة، محمد    الجزء : 1  صفحة : 271
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست