اسم الکتاب : التصور الفني في القرآن المؤلف : سيد قطب الجزء : 1 صفحة : 206
وهنا تبرز "المرأة" في حالة من أنكر حالاتها، وفي دفعة من دفعات غريزتها: {وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ} . وتقع المفاجأة التي يحذرها: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَاب} وهنا تدرك المرأة غريزتها أيضًا، فتجد الجواب حاضرًا، إنها تتهم الفتى: {مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا} ولكنها امرأة تعشق، فهي تخشى عليه الردى، فتشير بالعقاب المأمون: {إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} !
وغير يوسف كانت تناله "اللخمة" ولكن يوسف الواعي يجيب صادقًا: {هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي} ويستشهد بقميصه المقدود من الخلف. ويجد من يؤيده في استشهاده من أهل المرأة ذاتها:
{وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ، وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ} ... فيوسف إذن بريء.
ويلغط نساء المدينة بالقصة -كعادة النساء في كل مكان وزمان- وإنها لقصة تجد لديهن اهتمامًا ورواجًا؛ فتبرز "المرأة" في زوج العزيز مرة أخرى. إنها تدعوهن إلى حفلة، وبينما هن منهمكات في تناول الطعام والسكاكين في أيديهن -فقد كانت مصر متحضرة يأكل أهلها في الصحاف، ويستخدمون السكاكين- تخرج عليهن يوسف، فيبهتن ويؤخذن، ويجرحن أيديهن تجريحًا شديدًا {فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ} ... إنهن لنساء، وإنها لامرأة، وإنها لتعرف كيف تفحم النساءّ!
اسم الکتاب : التصور الفني في القرآن المؤلف : سيد قطب الجزء : 1 صفحة : 206