اسم الکتاب : التصور الفني في القرآن المؤلف : سيد قطب الجزء : 1 صفحة : 135
الإطالة -كما أسلفنا- ولكن الأجزاء الأولى منها تتم في سرعة متعاقبة: "كزرع أخرج شطأه" فـ"آزره" فـ"استغلظ" فـ"استوى على سوقه" فقد تم الغلظ والاستواء في مدى قصير. ثم ثبت بعد ذلك وقر. إن الإسراع الأول مقصود كالاستقرار الأخير في تصوير حال المسلمين، يتم نموهم، ثم يستقر وضعهم أبدًا.
3- والحياة هناك كانت تطوى في غمضة عين، من مبدئها إلى منتهاها، فلننظر كيف تطول هنا في معرض الإطالة.
إن مرحلة واحدة من مراحل حياة آدمية مفردة، من بين حيوات كثيرة، تستغرق مثل هذا الفراغ:
{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ، ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ، ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} .
مرحلة الجنين وحدها، من حياة آدمية لا الحياة كلها، تستغرق هذا الفراغ، وتعرض بهذا التفصيل، وتذكر فيها جميع الخطوات ... لأنها معروضة للعبرة، وللتأثير الوجداني، ولبيان دقة العلم الإلهي. فحينئذ يحسن ولا شك التطويل.
4- ومن بين المشاهد التي يطول عرضها -أحيانًا- مشاهد العذاب في يوم القيامة. فبعد تشخيص المشهد كأنه حاضر، وتنسيق أجزائه كأنه مشهود، يطول عرضه ليلمس الحس ويوقظ الخيال، ويتسرب الخوف والتأثر إلى أعماق النفس وقرارة الوجدان.
ولإطالة العرض هنا وسائل شتى نعرض منها بعض النماذج.
اسم الکتاب : التصور الفني في القرآن المؤلف : سيد قطب الجزء : 1 صفحة : 135