اسم الکتاب : التصور الفني في القرآن المؤلف : سيد قطب الجزء : 1 صفحة : 134
يختلط بالأرض ولا بنبات الأرض؛ إنما يسلك ينابيع. "ثم" "يخرج به زرعًا" -وفي الوقت فسحة لتملي ألوان الزرع المختلفة الألوان- "ثم" "يهيج فتراه مصفرًّا" -وفي الوقت مهلة لتراه- "ثم" "يجعله حطامًا". "يجعله! " وهناك "أصبح هشيمًا" أو "يكون حطامًا" كأنما يصبح بنفسه، أو يكون بلا مصير ولا فاعل! وهنا جعله "حطامًا" ثم بقي على هذه الهيئة. وهناك تذروه الرياح" فلا يبقى له أثر!
إنه هنا في معرض بيان النعم الإلهية، فبطء عرضها، ولبث صورها، وتملي مشاهدها، أجدر بالموقف؛ ولهذا تستمتع بكل هذا الوقت الطويل!
2- وصورة أخرى للزرع يشبه به محمدًا والذين معه:
{ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ[1] فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} .
فماذا ترى في هذا الزرع؟ إنه لا يصبح هشيمًا مطلقًا، ولا تذروه الرياح أبدًا. إنه ليخيل إليك أنه ثابت هنا في مكانه، قار في منبته، خالد في موضعه. ومدة العرض هنا دائمة، والمنظر ثابت، حتى تتحول عنه العين، ولا يتحول هو عن العين. وذلك هو الهدف المقصود. وهذا الثبات طريقة من طرق التطويل.
ومن الدقائق اللطيفة هنا، أن الصورة العامة تسير على طريقة [1] فراخه.
اسم الکتاب : التصور الفني في القرآن المؤلف : سيد قطب الجزء : 1 صفحة : 134