مع المفسرين وكتبهم:
مِن المفسرين مَن سلك طريقة الإجمال؛ للتيسير على الطالب؛ كما فعل الجلالان: السيوطي، والمحلي..
ومنهم مَن سلك المقارنات؛ للتوفير على الطالب الرجوع إلى هذه المراجع؛ كما فعل الجمل في حاشيته..
ومنهم مَن سلك طريقة التحليل؛ كمعظم الكتب التي في أيدينا، ومعظمها ينقل بعضها من بعض..
فمنهم مَن سلك مسلك المتكلمين. ومنهم مَن سلك مسلك الفقهاء. ومنهم مَن سلك مسلك المحدثين. ومنهم مَن ضمَّن تفسيره مباحث لغوية وبلاغية.
ومنهم مَن سلك مسلك الموضوعية؛ فاستعرض آيات الأحكام مثلًا، أو القصة القرآنية. وكان هذا كنواة للتفسير الموضوعي.
وكثير من كتب التفسير قد مُلئت بأخبار نُقلت عن علماء أهل الكتاب الذين أسلموا؛ كعبد الله بن سلام، وكعب الأحبار، ووهب بن منبه، وأغلبها لم يصح، ومن بين الكتب الحافلة بالقصص كتاب أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي النيسابوري صاحب "التفسير الكبير"، المتوفَّى سنة سبع وعشرين وأربعمائة..
وفي زمن التابعين دُوِّنَ التفسير وصُنف فيه، وأول كتاب ظهر في التفسير كان لسعيد بن جبير المتوفَّى سنة أربع وستين، وكان من أعلم التابعين في التفسير، نص على ذلك قتادة، وحكاه السيوطي في "الإتقان".
وتوالت بعد ذلك المؤلَّفات، ومن أشهرها كتاب "الرغيب في القرآن" لأبي عبد الله محمد بن عمر الواقدي، المتوفَّى سنة سبع ومائتين، ثم "جمع البيان" لابن جرير الطبري، وهو حافل بالمأثورات والقراءات والاستشهاد بالشعر، إلا أن ما به من المأثورات في أغلبه مقال. وكان ذلك في المائة الثالثة للهجرة.
وفي المائة الرابعة ظهر تفسير النيسابوري، وفي المائة الخامسة ظهر كتاب "البيان الجامع لكل علوم القرآن" وهو للشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي شيخ الإمامية من الشيعة..
وفي المائة السادسة ظهر كتاب "الكشاف" للزمخشري، وهو يهتم بالتحقيق اللغوي والأسرار البلاغية، وقد سلك في تفسيره مسلك المعتزلة، وذلك على صحة مذهبهم وإن تكلف في ذلك الكثير.