responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 609
الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ وَلَا فِي الطَّلَاقِ وَلَا فِي النِّكَاحِ وَلَا فِي الْأَنْسَابِ وَلَا فِي الْوَلَاءِ وَلَا فِي الْإِحْصَانِ، وَتَجُوزُ فِي الْوَكَالَةِ وَالْوَصِيَّةِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا عِتْقٌ". وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: "تَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ فِي كُلِّ شَيْءٍ إلَّا الْحُدُودَ" وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهَا لَا تَجُوزُ فِي الْقِصَاصِ أَيْضًا. وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ: "لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ فِي الْحُدُودِ". وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: "لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فِي نِكَاحٍ". وَقَالَ اللَّيْثُ: "تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْوَصِيَّةِ وَالْعِتْقِ وَلَا تَجُوزُ فِي النِّكَاحِ وَلَا الطَّلَاقِ وَلَا الْحُدُودِ وَلَا قَتْلِ الْعَمْدِ الَّذِي يُقَادُ مِنْهُ". وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: "لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ فِي غَيْرِ الْأَمْوَالِ، وَلَا يَجُوزُ فِي الْوَصِيَّةِ إلَّا الرَّجُلُ، وَتَجُوزُ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: ظَاهِرُ هَذِهِ الْآيَةِ يَقْتَضِي جَوَازَ شَهَادَتِهِنَّ مَعَ الرَّجُلِ فِي سَائِرِ عُقُودِ الْمُدَايَنَاتِ، وَهِيَ كُلُّ عَقْدٍ عَلَى دَيْنٍ سَوَاءٌ كَانَ بَدَلُهُ مَالًا أَوْ بُضْعًا أَوْ مَنَافِعَ أَوْ دَمٍ عَمْدٍ، لِأَنَّهُ عَقْدٌ فِيهِ دَيْنٌ; إذْ الْمَعْلُومُ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادُ الْآيَةِ فِي قَوْله تَعَالَى: {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً} أَنْ يَكُونَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِمَا مِنْ الْبَدَلَيْنِ دَيْنَيْنِ، لِامْتِنَاعِ جَوَازِ ذَلِكَ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَثَبَتَ أَنَّ الْمُرَادَ وُجُودُ دَيْنٍ عَنْ بَدَلٍ أَيَّ دَيْنٍ كَانَ; فَاقْتَضَى ذَلِكَ جَوَازَ شَهَادَةِ النِّسَاءِ مَعَ الرَّجُلِ عَلَى عَقْدِ نِكَاحٍ فِيهِ مَهْرٌ مُؤَجَّلٌ إذَا كَانَ ذَلِكَ عَقْدُ مُدَايَنَةٍ، وَكَذَلِكَ الصُّلْحُ مِنْ دَمِ الْعَمْدِ وَالْخُلْعِ عَلَى مَالِ الْإِجَارَاتِ. فَمَنْ ادَّعَى خُرُوجَ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْعُقُودِ مِنْ ظَاهِرِ الْآيَةِ لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِدَلَالَةٍ، إذْ كَانَ الْعُمُومُ مُقْتَضِيًا لِجَوَازِهَا فِي الْجَمِيعِ.
وَيَدُلُّ عَلَى جَوَازِ شَهَادَةِ النِّسَاءِ فِي غَيْرِ الْأَمْوَالِ مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بن الْقَاسِمِ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ أَخُو أَبِي مَعْمَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَازَ شَهَادَةَ الْقَابِلَةِ وَالْوِلَادَةُ لَيْسَتْ بِمَالٍ وَأَجَازَ شَهَادَتَهَا عَلَيْهَا فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ شَهَادَةَ النِّسَاءِ لَيْسَتْ مَخْصُوصَةً بِالْأَمْوَالِ; وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ شَهَادَةِ النِّسَاءِ عَلَى الْوِلَادَةِ وَإِنَّمَا الِاخْتِلَافُ فِي الْعَدَدِ. وَأَيْضًا لَمَّا ثَبَتَ أَنَّ اسْمَ الشَّهِيدَيْنِ وَاقِعٌ فِي الشَّرْعِ عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ اسْمَ الْبَيِّنَةِ يَتَنَاوَلُ الشَّهِيدَيْنِ، وَجَبَ بِعُمُومِ قَوْلِهِ: "الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ" الْقَضَاءُ بِشَهَادَةِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ فِي كُلِّ دَعْوَى; إذْ قَدْ شَمِلَهُمْ اسْمُ الْبَيِّنَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّهَا بَيِّنَةٌ فِي الْأَمْوَالِ، فَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهَا الِاسْمُ وَجَبَ بِحَقِّ الْعُمُومِ قَبُولُهَا لِكُلِّ مُدَّعٍ إلَّا أَنْ تَقُومَ الدَّلَالَةُ عَلَى تَخْصِيصِ شَيْءٍ مِنْهُ؟ وَإِنَّمَا خَصَّصْنَا الْحُدُودَ وَالْقِصَاصَ لِمَا رَوَى الزُّهْرِيُّ قَالَ: "مَضَتْ السُّنَّةُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخَلِيفَتَيْنِ مِنْ بَعْدِهِ أَنْ لَا تَجُوزَ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْحُدُودِ وَلَا فِي الْقِصَاصِ". وَأَيْضًا لَمَّا اتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى قَبُولِ شَهَادَتِهِنَّ مَعَ الرَّجُلِ فِي الدُّيُونِ وَجَبَ قَبُولُهَا فِي كُلِّ حَقٍّ لَا تُسْقِطُهُ

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 609
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست