responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 608
شَهَادَتِهِ إذَا كَانَ مُجَانِبًا لِلصِّفَاتِ الْمَشْرُوطَةِ لِجَوَازِ الشَّهَادَةِ.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَوْجَبَ بَدِيًّا اسْتِشْهَادَ شَهِيدَيْنِ، وَهُمَا الشَّاهِدَانِ; لِأَنَّ الشَّهِيدَ وَالشَّاهِدَ وَاحِدٌ كَمَا أَنَّ عَلِيمًا وَعَالِمًا وَاحِدٌ وَقَادِرًا وَقَدِيرًا وَاحِدٌ، ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ} يَعْنِي إنْ لَمْ يَكُنْ الشَّهِيدَانِ رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ فَلَا يَخْلُو قَوْلُهُ: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ} مِنْ أَنْ يُرِيدَ بِهِ "فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ رَجُلَانِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ" كَقَوْلِهِ: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً} [النساء: 43] وَكَقَوْلِهِ: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 3] ثُمَّ قَالَ: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ} [المجادلة: 4] إلَى قَوْلِهِ: {فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً} [المجادلة: 4] وَمَا جَرَى مَجْرَى ذَلِكَ فِي الْأَبْدَالِ الَّتِي أُقِيمَتْ مَقَامَ أَصْلِ الْفَرْضِ عِنْدَ عَدَمِهِ. أَوْ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ: "فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الشَّهِيدَانِ رَجُلَيْنِ فَالشَّهِيدَانِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ" فَأَفَادَنَا إثْبَاتَ هَذَا الِاسْمِ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ حَتَّى يُعْتَبَرَ عُمُومُهُ فِي جَوَازِ شَهَادَتِهِمَا مَعَ الرَّجُلِ فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ، إلَّا مَا قَامَ دَلِيلُهُ; فَلَمَّا اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى جَوَازِ شَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ مَقَامَ رَجُلٍ عِنْدَ عَدَمِ الرَّجُلَيْنِ فَثَبَتَ الْوَجْهُ الثَّانِي، وَهُوَ أَنَّهُ أَرَادَ تَسْمِيَةَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ شَهِيدَيْنِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ اسْمًا شَرْعِيًّا يَجِبُ اعْتِبَارُهُ فِيمَا أُمِرْنَا فِيهِ بِاسْتِشْهَادِ شَهِيدَيْنِ، إلَّا مَوْضِعًا قَامَ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ فَيَصِحُّ الِاسْتِدْلَال بِعُمُومِهِ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ" وَإِثْبَاتُ النِّكَاحِ وَالْحُكْمُ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ; إذْ قَدْ لَحِقَ اسْمُ شَهِيدَيْنِ، وَقَدْ أَجَازَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النِّكَاحَ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي شهادة النساء مع الرجال في غير الأموال، فقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وزفر وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ: "لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ لَا فِي الْحُدُودِ وَلَا فِي الْقِصَاصِ وَتُقْبَلُ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ سَائِرِ الْحُقُوقِ". وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ: "أَنَّ عُمَرَ أَجَازَ شَهَادَةَ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فِي نِكَاحٍ". وَرَوَى جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ الْخِرِّيتِ عَنْ أَبِي لَبِيدٍ: "أَنَّ عُمَرَ أَجَازَ شَهَادَةَ النِّسَاءِ فِي طَلَاقٍ". وَرَوَى إسْرَائِيلُ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ. عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْعَقْدِ". وَرَوَى حَجَّاجٌ عَنْ عَطَاءٍ: "أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُجِيزُ شَهَادَةَ النِّسَاءِ مَعَ الرَّجُلِ فِي النِّكَاحِ". وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ: "أَنَّهُ كَانَ يُجِيزُ شَهَادَةَ النِّسَاءِ فِي الطَّلَاقِ". وَرُوِيَ عَنْ عَوْنٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ شُرَيْحٍ: "أَنَّهُ أَجَازَ شَهَادَةَ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فِي عِتْقٍ" وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ فِي الطَّلَاقِ. وَرُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ وَالضَّحَّاكِ قَالَا: "لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ إلَّا فِي الدَّيْنِ وَالْوَلَدِ". وَقَالَ مَالِكٌ: "لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ فِي

اسم الکتاب : أحكام القرآن - ط العلمية المؤلف : الجصاص    الجزء : 1  صفحة : 608
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست