responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 500
الْقَلِيلَةِ الَّتِي نُوحِيهَا إِلَيْكَ مِنْ أَحْكَامِ التَّوْرَاةِ بَعْدَ سِنِينَ؟ إِنَّ الَّذِينَ اخْتَرَعُوا هَذَا الْقَوْلَ فِي الْآيَةِ إِنَّمَا جَعَلُوهُ حُجَّةً جَدَلِيَّةً لِقَوْلٍ اتَّخَذُوهُ مَذْهَبًا، وَهُوَ أَنْ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا. وَقَدْ فَصَّلْنَا الْقَوْلَ بِبُطْلَانِهِ وَبُطْلَانِ الِاحْتِجَاجِ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ آيَةِ الْمَائِدَةِ الْمَذْكُورَةِ آنِفًا (5: 48) فَيُرَاجَعُ فِي جُزْءٍ التَّفْسِيرِ السَّادِسِ وَبَقِيَّةُ تِلْكَ الْأَقْوَالِ الَّتِي أَوْرَدَهَا الرَّازِيُّ دَاخِلَةٌ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْهَا، فَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّ مَا قَرَّرْنَاهُ أَوَّلًا هُوَ الْوَجْهُ الصَّحِيحُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ الْعَزِيزُ، بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ شَوَاهِدِ آيَاتِهِ فِي هَذَا التَّقْرِيرِ.
وَلَمْ يَرِدْ فِي التَّفْسِيرِ الْمَأْثُورِ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِلَّا مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَبَعْضُ رُوَاةِ التَّفْسِيرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أَنَّهُ اسْتَدَلَّ بِالْآيَةِ عَلَى سُجُودِ التِّلَاوَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى عَنْ دَاوُدَ فِي سُورَةِ " ص ": (فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ 38) : 24 وَقَالَ: فَكَانَ دَاوُدُ مِمَّنْ أُمِرَ نَبِيُّكُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ فَسَجَدَهَا دَاوُدُ فَسَجَدَهَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَفِي النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا " سَجَدَهَا دَاوُدُ تَوْبَةً وَنَحْنُ نَسْجُدُهَا شُكْرًا " فَاسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ بِقَوْلِهِ شُكْرًا عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ فِيهَا فِي الصَّلَاةِ ; لِأَنَّ سُجُودَ الشَّاكِرِ لَا يُشْرَعُ دَاخِلَ الصَّلَاةِ. وَلِأَبِي دَاوُدَ وَابْنِ خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَأَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ " ص " فَلَمَّا بَلَغَ السَّجْدَةَ نَزَلَ فَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ مَعَهُ، ثُمَّ قَرَأَهَا فِي يَوْمٍ آخَرَ فَتَهَيَّأَ النَّاسُ لِلسُّجُودِ فَقَالَ " إِنَّمَا هِيَ تَوْبَةُ نَبِيٍّ وَلَكِنِّي رَأَيْتُكُمْ تَهَيَّأْتُمْ " فَنَزَلَ وَسَجَدَ وَسَجَدُوا مَعَهُ. فَهَذَا السِّيَاقُ يُشْعِرُ بِأَنَّ السُّجُودَ فِيهَا لَمْ يُؤَكَّدْ كَمَا أُكِّدَ فِي غَيْرِهَا انْتَهَى. وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْحَافِظُ هَذَا فِي شَرْحِ بَابِ سَجْدَةِ " ص " مِنَ الْبُخَارِيِّ، وَفِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ سَجْدَةَ " ص " لَيْسَتْ مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ، وَنَحْنُ نَسْتَدِلُّ بِمَا ذُكِرَ عَنْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ يَلْتَزِمُ سُجُودَهَا، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ " نَسْجُدُهَا شُكْرًا " يُخَالِفُ اسْتِنْبَاطَ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَسْجُدُهَا اقْتِدَاءً بِدَاوُدَ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ الِاقْتِدَاءُ لَوْ سَجَدَهَا مِثْلَهُ تَوْبَةً، وَالْحَبْرُ هُوَ الْحَبْرُ وَلَكِنَّهُ غَيْرُ مَعْصُومٍ وَاللهُ أَعْلَمُ.
(تَحْقِيقُ مَسْأَلَةِ الْإِيمَانِ بِالرُّسُلِ إِجْمَالًا وَتَفْصِيلًا) .
وَعَدَدُ الرُّسُلِ الْمَذْكُورِينَ فِي الْقُرْآنِ.
مِنْ أُصُولِ الْعَقَائِدِ الْإِسْلَامِيَّةِ أَنَّ اللهَ تَعَالَى أَرْسَلَ فِي كُلِّ الْأُمَمِ رُسُلًا، مِنْهُمْ مَنْ قَصَّ عَلَى رَسُولِنَا وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَقْصُصْ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ يَجِبُ الْإِيمَانُ بِمَنْ ذَكَرَ مِنْهُمْ فِي الْقُرْآنِ إِيمَانًا تَفْصِيلِيًّا، أَيْ تَجِبُ مَعْرِفَتُهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ، وَصَرَّحَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِأَنَّ إِنْكَارَ رِسَالَةِ أَحَدٍ مِنْهُمْ كُفْرٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هَذَا أَنَّ مَعْرِفَتَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ مِنَ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ الْمَعْلُومِ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ، فَلَا يُعْذَرُ أَحَدٌ بِجَهْلِهِ إِلَّا مَنْ كَانَ حَدِيثَ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ وَمَنْ نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ،

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 500
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست