responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 248
هَذِهِ الْأَحْيَاءَ بَعْدَ انْقِضَاءِ آجَالِهَا الَّتِي قَضَاهَا لَهَا فِي أَجَلٍ آخَرَ يَضْرِبُهُ لِهَذِهِ الْإِعَادَةِ بِحَسَبِ عِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ.
وَالْأَجَلُ فِي اللُّغَةِ هُوَ الْمُدَّةُ الْمَضْرُوبَةُ لِلشَّيْءِ، أَيِ الْمِقْدَارُ الْمَحْدُودُ مِنَ الزَّمَانِ، وَقَضَاءُ الْأَجَلِ يُطْلَقُ عَلَى الْحُكْمِ بِهِ وَضَرْبِهِ لِلشَّيْءِ وَعَلَى الْقِيَامِ بِالشَّيْءِ وَفِعْلِهِ، إِذْ أَصْلُ الْقَضَاءِ: فَصْلُ الْأَمْرِ قَوْلًا كَانَ ذَلِكَ أَوْ فِعْلًا كَمَا قَالَ الرَّاغِبُ مِثَالُ الْأَوَّلِ: أَنَّ شُعَيْبًا عَلَيْهِ السَّلَامُ قَضَى أَجَلًا لِخِدْمَةِ مُوسَى لَهُ ثَمَانِيَ سِنِينَ وَأَجَلًا آخَرَ
اخْتِيَارِيًّا سَنَتَيْنِ، فَهَذَا قَضَاءٌ قَوْلِيٌّ، وَقَدْ قَضَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ الْأَجَلَ الْمَضْرُوبَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: (فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ) (28: 29) الْآيَةَ وَذَلِكَ قَضَاءٌ فِعْلِيٌّ. وَالْقَضَاءُ قَدْ يَكُونُ نَفْسِيًّا، كَأَنْ يَضْرِبَ الْإِنْسَانُ فِي نَفْسِهِ أَجَلًا لِعَمَلٍ يَعْمَلُهُ بِأَنْ يَكُونَ فِي نَهَارٍ أَوْ سَاعَةٍ مِنْ نَهَارٍ، وَيُعَدُّ هَذَا مِنَ الْقَضَاءِ الْقَوْلِيِّ; لِأَنَّهُ مِنْ مُتَعَلِّقِ الْكَلَامِ النَّفْسِيِّ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ إِنَّمَا يَكُونُ عَلَى مُقْتَضَى الْعِلْمِ وَقَدْ يَقْضِيهِ وَيُفَصِّلُ فِيهِ كِتَابَةً، فَالْقَضَاءُ الْقَوْلِيُّ يَشْمَلُ الْكَلَامَ النَّفْسِيَّ وَمَا هُوَ مُظْهِرٌ لَهُ مِنْ لَفْظٍ أَوْ كِتَابٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.
وَقَدْ أَخْبَرَنَا عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ قَضَى لِعِبَادِهِ أَجَلَيْنِ أَجَلًا لِمُدَّةِ حَيَاةِ كُلِّ فَرْدٍ مِنْهُمْ يَنْتَهِي بِمَوْتِ ذَلِكَ الْفَرْدِ وَأَجَلًا لِإِعَادَتِهِمْ وَبَعْثِهِمْ بَعْدَ مَوْتِ الْجَمِيعِ وَانْقِضَاءِ عُمُرِ الدُّنْيَا، وَقِيلَ: إِنَّ الْأَجَلَ الْآخَرَ هُوَ أَجْلُ حَيَاةِ مَجْمُوعِهِمُ الَّذِي يَنْقَضِي بِقِيَامِ السَّاعَةِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، جَاءَ فِي تَفْسِيرِ الْحَافِظِ ابْنِ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِ الْأَجَلَيْنِ مَا نَصَّهُ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ " ثُمَّ قَضَى أَجَلًا " يَعْنِي الْمَوْتَ " وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ " يَعْنِي الْآخِرَةَ. (وَعَزَاهُ أَيْضًا إِلَى عَشَرَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ) وَقَوْلُ الْحَسَنِ فِي رِوَايَةِ عَنْهُ: " ثُمَّ قَضَى أَجَلًا " وَهُوَ مَا بَيْنَ أَنْ يُخْلَقَ إِلَى أَنْ يَمُوتَ " وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ " وَهُوَ مَا بَيْنَ أَنْ يَمُوتَ إِلَى أَنْ يُبْعَثَ هُوَ يَرْجِعُ إِلَى مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ تَقْدِيرُ الْأَجَلِ الْخَاصِّ وَهُوَ عُمُرُ كُلِّ إِنْسَانٍ. وَتَقْدِيرُ الْأَجَلِ الْعَامِّ وَهُوَ عُمُرُ الدُّنْيَا بِكَمَالِهَا ثُمَّ انْتِهَاؤُهَا وَقَضَاؤُهَا وَزَوَالُهَا وَالْمَصِيرُ إِلَى الدَّارِ الْآخِرَةِ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ: " ثُمَّ قَضَى أَجَلًا " يَعْنِي مُدَّةَ الدُّنْيَا " وَأَجَلٌ مُسَمًّى " يَعْنِي عُمُرَ الْإِنْسَانِ إِلَى حِينِ مَوْتِهِ. وَكَأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى بَعْدَ هَذَا: (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ) (6: 60) الْآيَةَ وَقَالَ عَطِيَّةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " ثُمَّ قَضَى أَجَلًا " يَعْنِي النَّوْمَ يَقْبِضُ اللهُ فِيهِ الرَّوْحَ ثُمَّ يُرْجِعُ أَيِ الرُّوحَ إِلَى صَاحِبِهِ عِنْدَ الْيَقَظَةِ " وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ " يَعْنِي أَجَلَ مَوْتِ الْإِنْسَانِ. وَهَذَا قَوْلٌ غَرِيبٌ. انْتَهَى مَا أَوْرَدَهُ ابْنُ كَثِيرٍ، وَهَذَا الْقَوْلُ الَّذِي اسْتَغْرَبَهُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الزُّمَرِ: (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى) (39: 42) وَلَكِنَّ الْأَجَلَ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 7  صفحة : 248
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست