responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 83
مَا لَا يَعُدُّ عَلَى مَنْ دُونِهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، عَلَى قَاعِدَةِ: " حَسَنَاتُ الْأَبْرَارِ سَيِّئَاتُ الْمُقَرَّبِينَ " وَمِثَالُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى لَهُ لَمَّا أَذِنَ بِالتَّخَلُّفِ عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ لِبَعْضِ الْمُنَافِقِينَ: عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ (9: 43) فَهَذِهِ أَمْثِلَةُ ذُنُوبِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ تَسْلِيمًا، وَالْمَغْفُورَةُ بِنَصِّ قَوْلِهِ تَعَالَى: لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (48: 2) وَالذَّنْبُ مَا لَهُ عَاقِبَةٌ ضَارَّةٌ أَوْ مُخَالَفَةٌ لِلْمَصْلَحَةِ تَكُونُ وَرَاءَهُ كَذَنَبِ الدَّابَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْصِيَةً.
(الْحِكْمَةُ الْخَامِسَةُ) بَيَانُ مُؤَاخَذَةِ اللهِ تَعَالَى النَّاسَ عَلَى الْأَعْمَالِ النَّفْسِيَّةِ وَإِرَادَةِ السُّوءِ بَعْدَ تَنْفِيذِهَا بِالْعَمَلِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَإِنَّمَا كَانَتْ إِرَادَةُ هَذَا ذَنْبًا؛ لِأَنَّهُ كَانَ بِاسْتِشْرَافٍ أَشَدَّ مِنِ اسْتِشْرَافِهِمْ أَوَّلًا لِإِيثَارِ عِيرِ أَبِي سُفْيَانَ عَلَى الْجِهَادِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَسْأَلُوا عَنْ حُكْمِهِ كَمَا سَأَلُوا مِنْ قَبْلُ عَنِ الْأَنْفَالِ، وَلَمْ يُبَالُوا فِي سَبِيلِهِ بِأَنْ يَقْتُلَ الْمُشْرِكُونَ مِنْهُمْ بَعْدَ عَامٍ مِثْلَ عَدَدِ مَنْ قَتَلُوهُمْ بِبَدْرٍ، كَمَا وَرَدَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ، وَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ مِنْ أَنَّ سَبَبَ هَذَا حُبُّهُمْ لِلشَّهَادَةِ فَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ مِنْ نَصٍّ وَلَا قَرِينَةِ حَالٍ، وَيَرُدُّهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُحِبُّوا أَوْ يَخْتَارُوا قَتْلَ الْمُشْرِكِينَ لِكَثِيرٍ مِنْهُمْ وَلَا قَلِيلٍ، وَيَكْفِي مِنْ حُبِّ الشَّهَادَةِ الْإِقْدَامُ عَلَى الْقِتَالِ، وَعَدَمُ الْفِرَارِ مِنَ الزَّحْفِ خَوْفًا مِنَ الْقَتْلِ.
(الْحِكْمَةُ السَّادِسَةُ) الْإِيذَانُ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَقُّوا الْعَذَابَ عَلَى أَخْذِ الْفِدَاءِ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَعَهُ مُخَالَفَةَ الْمُصْلَحَةِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ قَدْ بُيِّنَتْ لَهُمْ، وَإِنَّمَا كَانَ مِنْ شَأْنِ
النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَنْ يَعْلَمَ هَذِهِ الْمَصْلَحَةَ وَيَعْمَلَ بِمُقْتَضَاهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلِمَهَا وَلَكِنَّهُ رَجَّحَ عَلَيْهَا الْعَمَلَ بِالْمُشَاوَرَةِ، وَالْأَخْذَ بِرَأْيِ الْجُمْهُورِ الَّذِي فَرَضَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ فَرْضًا فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ بَعْدَ أَنْ أَلْهَمَهُ إِيَّاهُ إِلْهَامًا فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَلِهَذَا لَمْ يَمُنَّ عَلَيْهِ عَنْهَا بِالْعَفْوِ عَنْهُ خَاصَّةً، كَمَا مَنَّ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْإِذْنِ لِلْمُنَافِقِينَ بِالتَّخَلُّفِ عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ الَّذِي هُوَ مُخَالِفٌ لِلْمَصْلَحَةِ أَيْضًا.
(الْحِكْمَةُ السَّابِعَةُ) بَيَانُ مِنَّةِ اللهِ تَعَالَى عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ أَنَّهُ لَمْ يُعَذِّبْهُمْ فِيمَا أَخَذُوا بِسُوءِ الْإِرَادَةِ، أَوْ بِغَيْرِ حَقٍّ وَتَقَدَّمَ وَجْهُهُ، وَفِي هَذِهِ الْمِنَّةِ بَعْدَ الْإِنْذَارِ الشَّدِيدِ خَيْرُ تَرْبِيَةٍ لِأَمْثَالِهِمْ مِنَ الْكَامِلِينَ تَرْبَأُ بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ الِاسْتِشْرَافِ، لَا أَنَّهَا تُجَرِّئُهُمْ عَلَيْهِ كَمَا تَوَهَّمَ بَعْضُ النَّاسِ.
(الْحِكْمَةُ الثَّامِنَةُ) عِلْمُهُ تَعَالَى بِأَنَّ أُولَئِكَ الْأَسْرَى مِمَّنْ كَتَبَ لَهُمْ طُولَ الْعُمُرِ وَتَوْفِيقَ أَكْثَرِهِمْ لِلْإِيمَانِ.
(الْحِكْمَةُ التَّاسِعَةُ) أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوَاعِدِ التَّشْرِيعِ أَنَّ مَا نَفَّذَهُ الْإِمَامُ مِنَ الْأَعْمَالِ السِّيَاسِيَّةِ وَالْحَرْبِيَّةِ بَعْدَ الشُّورَى لَا يُنْقَضُ، وَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ خَطَأً، وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 83
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست