responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 84
لَمَّا شَرَعَ فِي تَنْفِيذِ رَأْيِ الْجُمْهُورِ فِي الْخُرُوجِ إِلَى أُحُدٍ عَلَى خِلَافِ رَأْيِهِ ثُمَّ رَاجَعُوهُ فِيهِ، وَفَوَّضُوا إِلَيْهِ الْأَمْرَ فِي الرُّجُوعِ فَلَمْ يَرْجِعْ، وَقَالَ فِي ذَلِكَ كَلِمَتَهُ الْعَظِيمَةَ الَّتِي تَعْمَلُ بِهَا دُوَلُ السِّيَاسَةِ الْكُبْرَى إِلَى هَذِهِ الْعُصُرِ لِحُسْنِهَا، لَا لِاتَّبَاعِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَتُرَاجَعُ فِي [ص78 - 82 ج 4 ط الْهَيْئَةِ] .
هَذَا مَا فَتَحَ اللهُ تَعَالَى بِهِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الْهَدْيِ، وَأَشَارَ إِلَيْهِ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ، وَتَارَةً مَعْزُوًّا إِلَيْهِ، وَتَارَةً بِغَيْرِ عَزْوٍ، وَإِنَّنَا نَنْقُلُهُ بِنَصِّهِ، وَنُقَفِّي عَلَيْهِ بِمَا نَرَاهُ نَاقِضًا لَهُ مَعَ الِاعْتِرَافِ لِأُسْتَاذِنَا ابْنِ الْقَيِّمِ بِالْإِمَامَةِ وَالتَّحْقِيقِ (لَا الْعِصْمَةِ) فِي أَكْثَرِ مَا وَجَّهَ إِلَى تَحْقِيقِهِ فِكْرُهُ الْوَقَّادُ، ذَلِكَ أَنَّهُ عَقَدَ فِي كِتَابِهِ (زَادِ الْمَعَادِ) فَصْلًا لِهَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأُسَارَى، ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ الِاسْتِشَارَةِ فِي أَسْرَى بَدْرٍ وَرَأْيَ الشَّيْخَيْنِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ وَالتَّرْجِيحَ بَيْنَهُمَا قَالَ فِيهِ مَا نَصُّهُ - وَالْعُنْوَانُ لَنَا -
(التَّرْجِيحُ بَيْنَ رَأْيِ الصِّدِّيقِ وَالْفَارُوقِ فِي أَسْرَى بَدْرٍ)
" وَقَدْ تَكَلَّمَ النَّاسُ فِي أَيِّ الرَّأْيَيْنِ كَانَ أَصْوَبَ، فَرَجَّحَتْ طَائِفَةٌ قَوْلَ عُمَرَ لِهَذَا الْحَدِيثِ: وَرَجَّحَتْ طَائِفَةٌ قَوْلَ أَبِي بَكْرٍ لِاسْتِقْرَارِ الْأَمْرِ عَلَيْهِ، وَمُوَافَقَتِهِ الْكِتَابَ الَّذِي سَبَقَ مِنَ اللهِ بِإِحْلَالِ ذَلِكَ لَهُمْ، وَلِمُوَافَقَتِهِ الرَّحْمَةَ الَّتِي غَلَبَتِ الْغَضَبَ، وَلِتَشْبِيهِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لَهُ فِي ذَلِكَ بِإِبْرَاهِيمَ وَعِيسَى، وَتَشْبِيهِهِ لِعُمَرَ بِنُوحٍ وَمُوسَى، وَلِحُصُولِ الْخَيْرِ الْعَظِيمِ الَّذِي حَصَلَ بِإِسْلَامِ أَكْثَرِ أُولَئِكَ الْأَسْرَى، وَلِخُرُوجِ مَنْ خَرَجَ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَلِحُصُولِ الْقُوَّةِ الَّتِي حَصَلَتْ لِلْمُسْلِمِينَ بِالْفِدَاءِ، وَلِمُوَافَقَةِ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لِأَبِي بَكْرٍ أَوَّلًا، وَلِمُوَافَقَةِ اللهِ لَهُ آخِرًا حَيْثُ اسْتَقَرَّ الْأَمْرُ عَلَى رَأْيِهِ، وَلِكَمَالِ نَظَرِ الصِّدِّيقِ فَإِنَّهُ رَأَى مَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ حُكْمُ اللهِ آخِرًا، وَغَلَبَةُ جَانِبِ الرَّحْمَةِ عَلَى جَانِبِ الْعُقُوبَةِ.
(قَالُوا) : وَأَمَّا بُكَاءُ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَإِنَّمَا كَانَ رَحْمَةً لِنُزُولِ الْعَذَابِ لِمَنْ أَرَادَ بِذَلِكَ عَرَضَ الدُّنْيَا، وَلَمْ يُرِدْ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَلَا أَبُو بَكْرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ وَإِنْ أَرَادَهُ بَعْضُ الصَّحَابَةِ، فَالْفِتْنَةُ كَانَتْ تَعُمُّ وَلَا تُصِيبُ مَنْ أَرَادَ ذَلِكَ خَاصَّةً، كَمَا هُزِمَ الْعَسْكَرُ يَوْمَ حُنَيْنٍ بِقَوْلِ أَحَدِهِمْ: لَنْ نُغْلَبَ الْيَوْمَ مِنْ قِلَّةٍ، وَبِإِعْجَابِ كَثْرَتِهِمْ لِمَنْ أَعْجَبَتْهُ مِنْهُمْ، فَهُزِمَ الْجَيْشُ بِذَلِكَ فِتْنَةً وَمِحْنَةً، ثُمَّ اسْتَقَرَّ الْأَمْرُ عَلَى النَّصْرِ وَالظَّفَرِ وَاللهُ أَعْلَمُ " اهـ.
أَقُولُ: إِنَّ فِي هَذَا الْكَلَامِ عَلَى حُسْنِهِ وَكَثْرَةِ فَوَائِدِهِ مُغَالَطَاتٌ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ، وَبُعْدًا عَنْ مَعْنَى الْآيَتَيْنِ يَجِبُ بَيَانُهُ لِتَحْرِيرِ الْمَوْضُوعِ، وَإِظْهَارِ عُلُوِّ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ وَحِكَمِهِ، وَكَوْنِهَا فَوْقَ اجْتِهَادِ جَمِيعِ الْمُجْتَهِدِينَ؛ لِأَنَّهَا كَلَامُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَمَا صَرَفَ الْمُحَقِّقَ ابْنَ الْقَيِّمِ عَنْ فِقْهِهَا وَبَيَانِ عُلُوِّهَا وَفَوْقِيَّتِهَا إِلَّا تَوْجِيهُ ذَكَائِهِ وَمَعَارِفِهِ إِلَى تَفْضِيلِ اجْتِهَادِ أَبِي بَكْرٍ عَلَى اجْتِهَادِ عُمَرَ

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 10  صفحة : 84
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست