responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 151
فِي مَقَالَتِنَا وَيَقْطَعُ يَأْسَهُ، فَقَالَ يَهُوذَا: وَاللَّهِ لَئِنْ فَعَلْتُمْ لَأَكُونَنَّ لَكُمْ عَدُوًّا مَا بَقِيتُ، وَلَأُخْبِرَنَّ أَبَاكُمْ بِسُوءِ صَنِيعِكُمْ، قَالُوا: فَإِذَا مَنَعْتِنَا مِنْ هَذَا فَتَعَالَوْا نَصْطَدْ لَهُ ذِئْبًا، قَالَ: فَاصْطَادُوا ذِئْبًا وَلَطِّخُوهُ بِالدَّمِ، وَأَوْثِقُوهُ بِالْحِبَالِ، ثُمَّ جَاءُوا بِهِ يَعْقُوبَ وَقَالُوا: يَا أَبَانَا! إِنَّ هَذَا الذِّئْبَ الَّذِي يَحِلُّ بِأَغْنَامِنَا وَيَفْتَرِسُهَا، وَلَعَلَّهُ الَّذِي أَفْجَعَنَا بِأَخِينَا لَا نَشُكُّ فِيهِ، وَهَذَا دَمُهُ عَلَيْهِ، فَقَالَ يَعْقُوبُ: أَطْلِقُوهُ، فَأَطْلَقُوهُ، وَتَبَصْبَصَ لَهُ الذِّئْبُ، فَأَقْبَلَ يَدْنُو [مِنْهُ [1]] وَيَعْقُوبُ يَقُولُ لَهُ: ادْنُ ادْنُ، حَتَّى أَلْصَقَ خَدَّهُ بِخَدِّهِ [2] فَقَالَ لَهُ يَعْقُوبُ: أَيُّهَا الذِّئْبُ! لِمَ فَجَعْتَنِي بِوَلَدِي وَأَوْرَثْتَنِي حُزْنًا طَوِيلًا؟! ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ أَنْطِقْهُ، فَأَنْطَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَقَالَ: وَالَّذِي اصْطَفَاكَ نَبِيًّا مَا أَكَلْتُ لَحْمَهُ، وَلَا مَزَّقْتُ جِلْدَهُ، ولا نتفت شعرة من شعراته، والله! مَا لِي بِوَلَدِكَ عَهْدٌ، وَإِنَّمَا أَنَا ذِئْبٌ غَرِيبٌ أَقْبَلْتُ مِنْ نَوَاحِي مِصْرَ فِي طَلَبِ أَخٍ لِي فُقِدَ، فَلَا أَدْرِي أَحَيٌّ هُوَ أَمْ مَيِّتٌ، فَاصْطَادَنِي أَوْلَادُكَ وَأَوْثَقُونِي، وَإِنَّ لُحُومَ الْأَنْبِيَاءِ حُرِّمَتْ عَلَيْنَا وَعَلَى جَمِيعِ الْوُحُوشِ، وَتَاللَّهِ! لَا أَقَمْتُ فِي بِلَادٍ يَكْذِبُ فِيهَا أَوْلَادُ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى الْوُحُوشِ، فَأَطْلَقَهُ يَعْقُوبُ وَقَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ أَتَيْتُمْ بِالْحُجَّةِ عَلَى أَنْفُسِكُمْ، هَذَا ذِئْبٌ بَهِيمٌ خَرَجَ يَتَّبِعُ ذِمَامَ أَخِيهِ، وَأَنْتُمْ ضَيَّعْتُمْ أخاكم، وقد علمت أن الذئب برئ مما جئتم به. (بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ) أي زينت. (لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً) غَيْرَ مَا تَصِفُونَ وَتَذْكُرُونَ. ثُمَّ قَالَ تَوْطِئَةً لِنَفْسِهِ: (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) وَهِيَ: الثَّانِيَةُ- قَالَ الزَّجَّاجُ: أَيْ فَشَأْنِي وَالَّذِي اعْتَقَدَهُ صَبْرٌ جَمِيلٌ. وَقَالَ قُطْرُبٌ: أَيْ فَصَبْرِي صَبْرٌ جَمِيلٌ. وَقِيلَ: أَيْ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ أَوْلَى بِي، فَهُوَ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ. وَيُرْوَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الصَّبْرِ الْجَمِيلِ فَقَالَ:" هُوَ الَّذِي لَا شَكْوَى مَعَهُ". وَسَيَأْتِي لَهُ مَزِيدُ بَيَانٍ آخِرَ السُّورَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قَرَأَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ فِيمَا زَعَمَ سَهْلُ بْنُ يُوسُفَ" فَصَبْرًا جَمِيلًا" قَالَ: وَكَذَا قَرَأَ الْأَشْهَبُ الْعُقَيْلِيُّ، قَالَ وَكَذَا فِي مُصْحَفِ أَنَسٍ وَأَبِي صَالِحٍ. قَالَ الْمُبَرِّدُ:" فَصَبْرٌ جَمِيلٌ" بِالرَّفْعِ أَوْلَى مِنَ النَّصْبِ، لِأَنَّ الْمَعْنَى: قَالَ رَبِّ عِنْدِي صَبْرٌ جَمِيلٌ، قَالَ: وَإِنَّمَا النَّصْبُ عَلَى الْمَصْدَرِ، أَيْ فلأصبرن صبرا جميلا، قال:

[1] من ع وك وى.
[2] في ع وك وو: بفخذه.
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 151
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست