responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 152
شَكَا إِلَيَّ جَمَلِي طُولَ السُّرَى ... صَبْرًا [1] جَمِيلًا فَكِلَانَا مُبْتَلَى
وَالصَّبْرُ الْجَمِيلُ هُوَ الَّذِي لَا جَزَعَ فِيهِ وَلَا شَكْوَى. وَقِيلَ: الْمَعْنَى لَا أُعَاشِرُكُمْ عَلَى كَآبَةِ الْوَجْهِ وَعُبُوسِ الْجَبِينِ، بَلْ أُعَاشِرُكُمْ عَلَى مَا كُنْتُ عَلَيْهِ مَعَكُمْ، وَفِي هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَفَا عَنْ مُؤَاخَذَتِهِمْ. وَعَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ أَنَّ يَعْقُوبَ كَانَ قَدْ سَقَطَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ، فَكَانَ يَرْفَعُهُمَا بِخِرْقَةٍ، فَقِيلَ لَهُ: مَا هَذَا؟ قَالَ: طُولَ الزَّمَانِ وَكَثْرَةُ الْأَحْزَانِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَتَشْكُونِي يَا يَعْقُوبُ؟! قَالَ: يَا رَبِّ! خَطِيئَةٌ أَخْطَأْتُهَا فَاغْفِرْ لِي. (وَاللَّهُ الْمُسْتَعانُ) ابْتِدَاءٌ وَخَبَرٌ. (عَلى مَا تَصِفُونَ) أَيْ عَلَى احْتِمَالِ مَا تَصِفُونَ مِنَ الْكَذِبِ. الثَّالِثَةُ- قَالَ ابْنُ أَبِي رِفَاعَةَ يَنْبَغِي لِأَهْلِ الرَّأْيِ أَنْ يَتَّهِمُوا رَأْيَهُمْ عِنْدَ ظَنِّ يَعْقُوبَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو نبى، حين قال له بنو هـ:" إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ" قَالَ:" بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ" فَأَصَابَ هُنَا، ثُمَّ قَالُوا لَهُ:" إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَما شَهِدْنا إِلَّا بِما عَلِمْنا وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ" [2] قَالَ:" بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً" فَلَمْ يُصِبْ.

[سورة يوسف (12): آية 19]
وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ فَأَدْلى دَلْوَهُ قالَ يا بُشْرى هَذَا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِما يَعْمَلُونَ (19)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ) أَيْ رُفْقَةٌ مَارَّةٌ يَسِيرُونَ مِنَ الشَّامِ إِلَى مِصْرَ فَأَخْطَئُوا الطَّرِيقَ وَهَامُوا حَتَّى نَزَلُوا قَرِيبًا مِنَ الْجُبِّ، وَكَانَ الْجُبُّ فِي قَفْرَةٍ بَعِيدَةٍ مِنَ الْعُمْرَانِ، إِنَّمَا هُوَ لِلرُّعَاةِ وَالْمُجْتَازِ، وَكَانَ مَاؤُهُ مِلْحًا فَعَذُبَ حِينَ أُلْقِيَ فِيهِ يُوسُفَ. (فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ) فَذُكِرَ عَلَى الْمَعْنَى، وَلَوْ قَالَ: فَأَرْسَلَتْ وَارِدَهَا لكان على اللفظ، مئل" وَجاءَتْ". وَالْوَارِدُ الَّذِي يَرِدُ الْمَاءَ يَسْتَقِي لِلْقَوْمِ، وَكَانَ اسْمُهُ- فِيمَا ذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ- مَالِكُ بْنُ دعر «[3]»،

[1] ويروى (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) في البيت، وتحمل على إظهار مبتدأ أو خبر. ويروى (صبرا جميل) على نداء الجمل.
[2] راجع ص 244 من هذا الجزء.
[3] دعر: هو بالدال المهلة وبالذال تصحيف كما في القاموس.
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 152
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست