responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 304
ذَلِكَ لَوْثًا.
{ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (74) }
يَقُولُ تَعَالَى تَوْبِيخًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، وَتَقْرِيعًا لَهُمْ عَلَى مَا شَاهَدُوهُ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِحْيَائِهِ الْمَوْتَى: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ} كُلِّهِ {فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ} التِي لَا تَلِينُ أَبَدًا. وَلِهَذَا نَهَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ مِثْلِ حَالِهِمْ فَقَالَ: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نزلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الْحَدِيدِ: 16] .
وَقَالَ الْعَوْفِيُّ، فِي تَفْسِيرِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَمَّا ضُرب الْمَقْتُولُ بِبَعْضِ الْبَقَرَةِ جَلَسَ أَحْيَا مَا كَانَ قَطُّ، فَقِيلَ لَهُ: مَنْ قَتَلَكَ؟ فَقَالَ: بَنُو أَخِي قَتَلُونِي. ثُمَّ قُبِضَ. فَقَالَ بَنُو أَخِيهِ حِينَ قُبِضَ: وَاللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ، فَكَذَّبُوا بِالْحَقِّ بَعْدَ إِذَا رَأَوْا [1] . فَقَالَ [2] اللَّهُ: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ} يَعْنِي: بَنِي [3] أَخِي الشَّيْخِ {فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} فَصَارَتْ قُلُوبُ بَنِي [4] إِسْرَائِيلَ مَعَ طُولِ الْأَمَدِ قَاسِيَةً بَعِيدَةً عَنِ الْمَوْعِظَةِ بَعْدَ مَا شَاهَدُوهُ مِنَ الْآيَاتِ وَالْمُعْجِزَاتِ فَهِيَ فِي قَسْوَتِهَا كَالْحِجَارَةِ التِي لَا عِلَاجَ لِلِينِهَا أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً مِنَ الْحِجَارَةِ، فَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ مَا تَتَفَجَّرُ مِنْهَا الْعُيُونُ الْجَارِيَةُ بِالْأَنْهَارِ، وَمِنْهَا مَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَارِيًا، وَمِنْهَا مَا يَهْبِطُ مِنْ رَأْسِ الْجَبَلِ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَفِيهِ إِدْرَاكٌ لِذَلِكَ بِحَسْبِهِ، كَمَا قَالَ: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} [الْإِسْرَاءِ: 44] .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيح، عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: كُلُّ حَجَرٍ يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْمَاءُ، أَوْ يَتَشَقَّقُ عَنْ مَاءٍ، أَوْ يَتَرَدَّى مِنْ رَأْسِ جَبَلٍ، لَمِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، نَزَلَ بِذَلِكَ الْقُرْآنُ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَوْ سَعِيدِ بْنِ جبير، عن ابن عَبَّاسٍ: {وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} أَيْ وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَأَلْيَنَ مِنْ قُلُوبِكُمْ عَمَّا تُدْعَوْنَ إِلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ {وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}
[وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْجِبَائِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: {وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} هُوَ سُقُوطُ الْبَرَدِ مِنَ

[1] في أ، و "إذ رأوه".
[2] في جـ: "ثم قال".
[3] في أ، و: "يعني ابن".
[4] في جـ: "قلوب بنوا" وهو خطأ.
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 304
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست