responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 303
بِفَخِذِهَا فَقَامَ، فَقَالَ: قَتَلَنِي فُلَانٌ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَقَتَادَةَ، نَحْوَ ذَلِكَ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: فَضَرَبُوهُ بالبَضْعة التِي بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ فَعَاشَ، فَسَأَلُوهُ، فَقَالَ: قَتَلَنِي ابْنُ أَخِي.
وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: أَمَرَهُمْ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنْ يَأْخُذُوا عَظْمًا مِنْ عِظَامِهَا، فَيَضْرِبُوا بِهِ الْقَتِيلَ، فَفَعَلُوا، فَرَجَعَ إِلَيْهِ رُوحُهُ، فَسَمَّى لَهُمْ قَاتِلَهُ ثُمَّ عَادَ مَيِّتًا كَمَا كَانَ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: فَضَرَبُوهُ بِبَعْضِ آرَابِهَا [وَقِيلَ: بِلِسَانِهَا، وَقِيلَ: بِعَجَبِ ذَنَبِهَا] [1] .
وَقَوْلُهُ: {كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى} أَيْ: فَضَرَبُوهُ فَحَيِيَ. ونَبَّه تَعَالَى عَلَى قُدْرَتِهِ وَإِحْيَائِهِ الْمَوْتَى بِمَا شَاهَدُوهُ مِنْ أَمْرِ الْقَتِيلِ: جَعَلَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ذَلِكَ الصُّنْعَ حُجَّةً لَهُمْ عَلَى الْمَعَادِ، وَفَاصِلًا مَا كَانَ بَيْنَهُمْ مِنَ الْخُصُومَةِ وَالْفَسَادِ [2] ، وَاللَّهُ تَعَالَى قَدْ ذَكَرَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ مَا خَلَقَهُ فِي [3] إِحْيَاءِ الْمَوْتَى، فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ: {ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ} [الْبَقَرَةِ: 56] . وَهَذِهِ الْقِصَّةُ، وَقِصَّةُ الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ، وَقِصَّةُ الذِي مرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا، وَقِصَّةُ إِبْرَاهِيمَ وَالطُّيُورِ الْأَرْبَعَةِ.
وَنَبَّهَ تَعَالَى بِإِحْيَاءِ الْأَرْضِ بَعْدَ مَوْتِهَا عَلَى إِعَادَةِ الْأَجْسَامِ بَعْدَ صَيْرُورَتِهَا [4] رَمِيمًا، كَمَا قَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، قَالَ: سَمِعْتُ وَكِيع بْنَ عُدُس، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي رَزِين العُقَيلي، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى؟ قَالَ: "أَمَا مَرَرْتَ بِوَادٍ مُمْحِل، ثُمَّ مَرَرْتَ بِهِ خَضِرًا؟ " قَالَ: بَلَى. قَالَ: "كَذَلِكَ النُّشُورُ". أَوْ قَالَ: "كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى" [5] . وَشَاهِدُ هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَآيَةٌ لَهُمُ الأرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ* وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُون* لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ} [يس:33-35] .
مَسْأَلَةٌ: اسْتُدِلَّ لِمَذْهَبِ مَالِكٍ فِي كَوْنِ قَوْلِ الْجَرِيحِ: فُلَانٌ قَتَلَنِي لَوْثًا بِهَذِهِ الْقِصَّةِ؛ لِأَنَّ الْقَتِيلَ لَمَّا حَيِيَ سُئِلَ عَمَّنْ قَتَلَهُ فَقَالَ: قَتَلَنِي فُلَانٌ، فَكَانَ ذَلِكَ مَقْبُولًا مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُخْبِرُ حِينَئِذٍ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَلَا يُتَّهَمُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ، وَرَجَّحُوا ذَلِكَ بِحَدِيثِ أَنَسٍ: أَنْ يَهُودِيًّا قَتَلَ جَارِيَةً عَلَى أَوَضَاحٍ لَهَا، فَرَضَخَ رَأْسَهَا بَيْنَ حَجَرَيْنِ فَقِيلَ: مَنْ فَعَلَ بِكِ هَذَا؟ أَفُلَانٌ؟ أَفُلَانٌ؟ حَتَّى ذُكِرَ الْيَهُودِيُّ، فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا، فَأُخِذَ الْيَهُودِيُّ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى اعْتَرَفَ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرَدَّ رَأْسُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ [6] وَعِنْدَ مَالِكٍ: إِذَا كَانَ لَوْثًا حَلَفَ أَوْلِيَاءُ الْقَتِيلِ قَسَامَةً، وَخَالَفَ الْجُمْهُورُ فِي ذَلِكَ وَلَمْ يَجْعَلُوا قول القتيل في

[1] زيادة من جـ، ط، ب، أ، و.
[2] في جـ، ط، ب، أ، و: "والعناد".
[3] في جـ، ط، ب، أ، و: "من".
[4] في جـ، ط، ب، أ، و: "بعد صيرورتها".
[5] مسند الطيالسي برقم (1089) .
[6] رواه البخاري في صحيحه برقم (6885) .
اسم الکتاب : تفسير ابن كثير - ت سلامة المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 303
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست