responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر المحيط في التفسير المؤلف : أبو حيّان الأندلسي    الجزء : 1  صفحة : 460
أَيْضًا صِفَةً، لَا أَنَّ أَصْلَهُ مَصْدَرٌ، بَلْ يَكُونُ كَالْحُلْوِ وَالْمُرِّ، فَيَكُونُ الْحُسْنُ وَالْحَسَنُ لُغَتَيْنِ، كَالْحُزْنِ وَالْحَزَنِ، وَالْعُرْبِ وَالْعَرَبِ. وَقِيلَ: انْتَصَبَ عَلَى الْمَصْدَرِ مِنَ الْمَعْنَى، لِأَنَّ الْمَعْنَى: وَلْيَحْسُنْ قَوْلُكُمْ حسنا. وأما من قرأ: حَسَنًا بِفَتْحَتَيْنِ، فَهُوَ صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ وَقُولُوا لِلنَّاسِ قَوْلًا حَسَنًا. وَأَمَّا مَنْ قَرَأَ بِضَمَّتَيْنِ، فَضَمَّةُ السِّينِ إِتِّبَاعٌ لِضَمَّةِ الْحَاءِ. وَأَمَّا مَنْ قَرَأَ: حُسْنَى، فَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: رَدَّهُ سِيبَوَيْهِ، لِأَنَّ أَفْعَلَ وَفُعْلَى لَا يَجِيءُ إِلَّا مَعْرِفَةً، إِلَّا أَنْ يُزَالَ عَنْهَا مَعْنَى التَّفْضِيلِ وَيَبْقَى مَصْدَرًا، كَالْعُقْبَى، فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَهُوَ وَجْهُ الْقِرَاءَةِ بِهَا.
انْتَهَى كَلَامُهُ. وَفِي كَلَامِهِ ارْتِبَاكٌ، لِأَنَّهُ قَالَ: لِأَنَّ أَفْعَلَ وَفُعْلَى لَا يَجِيءُ إِلَّا مَعْرِفَةً، وَلَيْسَ عَلَى مَا ذَكَرَ. أَمَّا أَفْعَلُ فَلَهُ اسْتِعْمَالَاتٌ: أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ بِمِنْ ظَاهِرَةً، أَوْ مُقَدَّرَةً، أَوْ مُضَافًا إِلَى نَكِرَةٍ، فَهَذَا لَا يَتَعَرَّفُ بِحَالٍ، بَلْ يَبْقَى نَكِرَةً. وَالِاسْتِعْمَالُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ، فَإِذْ ذَاكَ يَكُونُ مَعْرِفَةً بِهِمَا. الثَّالِثُ: أَنْ يُضَافَ إِلَى مَعْرِفَةٍ، وَفِي التَّعْرِيفِ بِتِلْكَ الْإِضَافَةِ خِلَافٌ، وَذَلِكَ نَحْوُ: أَفْضَلُ الْقَوْمِ. وَأَمَّا فُعْلَى فَلَهَا اسْتِعْمَالَانِ: أَحَدُهُمَا: بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ، وَيَكُونُ مَعْرِفَةً بِهِمَا. وَالثَّانِي: بِالْإِضَافَةِ إِلَى مَعْرِفَةٍ نَحْوُ: فُضْلَى النِّسَاءِ. وَفِي التَّعْرِيفِ بِهَذِهِ الْإِضَافَةِ الْخِلَافُ الَّذِي فِي أَفْعَلَ، فَقَوْلُ ابْنِ عَطِيَّةَ: لأن أفعل وفعلى لا يَجِيءُ إِلَّا مَعْرِفَةً، لَيْسَ بِصَحِيحٍ. وَقَوْلُهُ: إِلَّا أَنْ يُزَالَ عَنْهَا مَعْنَى التَّفْضِيلِ، وَيَبْقَى مَصْدَرًا، فَيَكُونَ فُعْلَى الَّذِي هُوَ مُؤَنَّثُ أَفْعَلُ، إِذَا أَزَلْتَ مِنْهُ مَعْنَى التَّفْضِيلِ يَبْقَى مَصْدَرًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ لَا يَنْقَاسُ مَجِيءُ فُعْلَى مَصْدَرًا إِنَّمَا جاءت منه أليفاظ يَسِيرَةٌ. فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْتَقَدَ فِي فُعْلَى، الَّتِي مُذَكَّرُهَا أَفْعَلُ، أَنَّهَا تَصِيرُ مَصْدَرًا إِذَا زَالَ مِنْهَا مَعْنَى التَّفْضِيلِ. أَلَا تَرَى أَنَّ كُبْرَى وَصُغْرَى وَجُلَّى وَفُضْلَى، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، لَا يَنْقَاسُ جَعْلُ شَيْءٍ مِنْهَا مَصْدَرًا بَعْدَ إِزَالَةِ مَعْنَى التَّفْضِيلِ؟ بَلِ الَّذِي يَنْقَاسُ عَلَى رَأْيٍ أَنَّكَ إِذَا أَزَلْتَ مِنْهَا مَعْنَى التَّفْضِيلِ، صَارَتْ بِمَعْنَى:
كَبِيرَةٍ وَصَغِيرَةٍ وَجَلِيلَةٍ وَفَاضِلَةٍ. كَمَا أَنَّكَ إِذَا أَزَلْتَ مِنْ مُذَكَّرِهَا مَعْنَى التَّفْضِيلِ، كَانَ أَكْبَرُ بِمَعْنَى كَبِيرٍ، وَأَفْضَلُ بِمَعْنَى فَاضِلٍ، وَأَطْوَلُ بِمَعْنَى طَوِيلٍ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ فِي عَنْهَا عَائِدًا إِلَى حُسْنَى، لَا إِلَى فُعْلَى، وَيَكُونَ اسْتِثْنَاءً مُنْقَطِعًا، كَأَنَّهُ قَالَ: إِلَّا أَنْ يُزَالَ عَنْ حُسْنَى، وَهِيَ اللَّفْظَةُ الَّتِي قَرَأَهَا أُبَيٌّ وَطَلْحَةُ مَعْنَى التَّفْضِيلِ، وَيَبْقَى مَصْدَرًا، وَيَكُونُ مَعْنَى الْكَلَامِ إِلَّا إِنْ كَانَتْ مَصْدَرًا، كَالْعُقْبَى. وَمَعْنَى قَوْلِهِ: وَهُوَ وَجْهُ الْقِرَاءَةِ بِهَا، أَيْ وَالْمَصْدَرُ وَجْهُ الْقِرَاءَةِ بِهَا. وَتَخْرِيجُ هَذِهِ الْقِرَاءَةِ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: الْمَصْدَرُ، كَالْبُشْرَى، وَيَحْتَاجُ ذَلِكَ إِلَى نَقْلِ أَنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ: حَسُنَ حُسْنَى، كَمَا تَقُولُ: رَجَعَ رُجْعَى، وَبَشَّرَ بُشْرَى، إِذْ مَجِيءُ فُعْلَى كَمَا ذَكَرْنَا مصدرا لا يَنْقَاسُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ صِفَةً

اسم الکتاب : البحر المحيط في التفسير المؤلف : أبو حيّان الأندلسي    الجزء : 1  صفحة : 460
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست