العبودية لله، وهما المقام والمنزلة التي أنزلهم الله إياها وأقامهم فيها وخاطبهم وذكرهم بها، في كتابه العزيز فقال عن نوح عليه السلام: {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا} [1]، وقال عن داود عليه السلام: {اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [2]، وقال عن سليمان عليه السلام: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّاب} [3]، وقال عن أيوب عليه السلام: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ} [4]، وقال في إبراهيم وإسحاق ويعقوب عليهم السلام: {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَار} [5]، ثم قال عن عيسى عليه السلام: {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ} [6]، وقال عن خاتم الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} [7]، وقال {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [8].
فمقام الرسالة والعبودية هو المقام الذي شرف الله به عباده المرسلين ومن عليهم به، وهم صلوات الله وسلامه عليهم يأبون أن يرفعوا فوق ذلك، وينهون أممهم ويحذرونهم من مجاوزة هذا المقام، ويقول في هذا المصطفى صلى الله عليه وسلم: "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فإنما أنا عبده، فقولوا: عبد الله [1] سورة الإسراء آية 3. [2] سورة ص آية 17. [3] سورة ص آية 30. [4] سورة ص آية 41. [5] سورة ص آية 45. [6] سورة النساء آية 172. [7] سورة الإسراء آية 1. [8] سورة النجم آية 10.