ومما سبق يمكن أن نستخلص أدلة من يرى أنه بقى على كلابيته فيما يلي:
ا- أن الأشعري لم يذكر في الإبانة رجوعه عن مذهب ابن كلاب، وأن عباراته المتعلقة بمسألة القرآن وكلام الله ركزعلى الرد على المعتزلة القائلين بخلق القرآن، ولو كان يعتقد بطلان مقالة ابن كلاب- التي اتبعها- لرد عليها، وأبطلها، فدل ذلك على أن عباراته الموافقة لمذهب أهل السنة لا تعارض ما يعتقده من مذهب ابن كلاب.
2- أن الأشعري لو كان رجوعه كاملا إلى مذهب السلف لما شنع عليه بعض علماء أهل السنة وأنكروا بعض أقواله.
الترجيح:
قد يكون من الصعب على الإنسان الترجيح في هذه المسألة، خاصة وأن علماء أفاضل قالوا فيها بقولهم وأدلوا برأيهم، فالفصل بينهم- مع قصر الباع وضعف القدرة- أمر شديد على النفس، ولكن لما كان الأمر لا بد فيه من ترجيح رأيت أن أدلي بدلوي في ذلك، والله الموفق.
ومنهج الترجيح قائم على تتبع كلام الأشعري في الإبانة، ومقارنته ببعض كتبه التي صرح فيها بما يوافق قول ابن كلاب ومن خلال المقارنه يتبين هل بقى كلابيا أم أنه رجع عن ذلك الى مذهب السلف؟:
ومن المعلوم أن مذهب ابن كلاب القول بأن كلام الله أزلي، ومنع أن الله يتكلم إذا شاء متى شاء، فعندهم لا يجوز أن يقال: إن الله إذا شاء تكلم وإذا شاء لم يتكلم، كما أنه إذا شاء خلق، وإذا شاء لم يخلق لأن هذا يلزم منهـ على زعمهم- حلول الحوادث بذات الله تعالى، والله تعالى ليس محلا للحوادث، وحتى يفروا من هذا قالوا بأزلية الصفات، ولم يفرقوا بين صفات الذات كالعلم والحياة والقدرة، وصفات الفعل كالكلام والرضا والغضب، ومع هذا فهم يقولون إن القرآن كلام الله غر مخلوق، ويثبتون الصفات الواردة، وقد لا ينتبه الى حقيقة مذهبهم الا من استفصل في ذلك. ولذلك جرت