من مذهب السلف، فهو يرى أنه لما قدم بغداد أخذ أمورا أخرى من مذهب أهل السنة غير التي أخذها في البصرة، يقول:"والأشعري وإن كان من تلامذة المعتزلة ثم تاب، فإنه كان تلميذ الجبائي، ومال الى طريقة ابن كلاب، وأخذ عن زكريا الساجي أصول الحديث بالبصرة، ثم لما قدم بغداد أخذ عن حنبلبة بغداد أمورا أخرى، وذلك آخر أمره كما ذكره هو وأصحابه في كتبهم" [1] . فمنزلة الإبانة- عند شيخ الإسلام- ليست كمنزلة كتبه التي ألفها قبل قدومه إلى بغداد.
د- والدليل على أن شيخ الإسلام قصد من قوله: من قال بالإبانة فليس بأشعرى- لأثبات الصفات الخبرية- أن في إلإبانة أقوالا في بعض المسائل، لا توافق مذهب السلف ومنها مسألة الإستطاعة فإن الأشعري قال:"وان أحدا لا يستطع أن يفعل شيئا قبل أن يفعله" [2] ، وكذلك مسألة القدرة فإنه ذكر أن الكافرين غير قادرين على الإيمان وقال:"ووجب أن يكون الله تعالى اختص بالقدرة على الإيمان للمؤمنين" [3] وفي تفسير قوله تعالى: {وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون} [الذاريات:56] قال "إن الله تعالى إنما عنى المؤمنين دون الكافرين " [4] ، وهذا بناء على أصل قوله في القدرة والتعليل.
هـ- وأن تيمية كتب كتبه وقد اطلع على ما وصل اليه من كتب الأشعري ومنها المقالات، والإبانة، واللمع، ورسالته الى أهل الثغر، ولم يذكر في موضع أن الأشعري ترك طريقة ابن كلاب، بل كثيرا ما يمتدح ابن كلاب ويذكر أنه اكثر أثباتا واتباعا للسنة من الأشعري، وكتاب الإبانة نقل عنه كثيرا خاصة في كتبه التي رد فيها على أشاعرة عصره الذين خالفوا الأشعري في كثير من أقواله. [1] مجموع الفتاوى (3/228) . [2] الإبانة (ص: 23) . [3] نفس المصدر (ص: 185) . [4] نفسه (ص: 192) .