قصة ابن خزيمة- إمام الأئمة- مع جماعة من كبار أصحابه [1] لما نمى إلى علمه أنهم مع إثباتهم للصفات يقولون بقول ابن كلاب، فجرت لهم معه محنة طويلة استتيبوا ورجعوا، ولهذا قال ابن خزيمة عنهم:" من زعم هؤلاء الجهلة أن الله لا يكرر الكلام، فلاهم يفهمون كتاب الله، إن الله قد أخبر في مواضع أنه خلق آدم، وكرر ذكر موسى، وحمد نفسه في مواضع، وكرر {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن] ، ولم أتوهم أن مسلما يتوهم أن الله لا يتكلم بشيء مرتين وهذا قول من زعم أن كلام الله مخلوق، ويتوهم أنه لا يجوز أن يقول: خلق الله شيئا واحدا مرتين" [2] . ولما اجتمعوا لمصالحة ابن خزيمة " فقال له أبو علي الثقفي: ما الذي أنكرت أيها الأستاذ من مذاهبنا حتى نرجع عنه؟ قال: ميلكم الى مذهب الكلابية، فقد كان أحمد بن حنبل من أشد الناس على عبد الله ابن سعيد بن كلاب، وعلى أصحابه مثل الحارث وغيره، حتى طال الخطاب بينه وبين أبي علي في هذا الباب، فقلت: قد جمعت أنا أصول مذاهبنا في طبق، فأخرجت إليه الطبق، فأخذه وما زال يتأمله وينظر فيه، ثم قال: لست أرى هاهنا شيئا لا أقول به، فسألته أن يكتب عليه خطه ان ذلك مذهبه، فكتب آخر تلك الأحرف، فقلت لأبي عمرو الجيري: احتفظ أنت بهذا الخط حتى ينقطع الكلام، ولا يتهم واحدا منا بالزيادة فيه، ثم تفرقنا، فما كان بأسرع من أن فصده أبو فلان وفلان وقالا: ان الأستاذ لم يتأمل ماكتب في ذلك الخط، وقد غدروا بك وغيروا صورة الحال، فقبل منهم، فبعث إلى أبي عمرو الجيري لاسترجاع خطه منه، فامتنع عليه أبو عمرو، ولم يرده حتى مات ابن خزيمة، وقد أوصيت أن يدفن معي، فأحاجه بين يدي الله تعالى فيه" [3] .
وقد أورد الذهبي جزءا من هذا الاعتقاد الذى كتبوه وفيه: " القرآن كلام الله تعالى، وصفة من صفات ذاته، ليس شيء من كلامه مخلوقا، [1] القصة كانت بنيسابور، وكانت قرابة سنة 309 هـ، أى بعد رجوع الأشعري واعتناقه مذهب ابن كلاب. [2] سير أعلام النبلاء (14/380) . [3] سير أعلام النبلاء (14/380-381) .