لا يخلو الكلام منها لو كان محدثا صح أنه قديم وأن الله تعالى لم يزل به متكلما" [1] . فنفى أن يحدثه في نفسه أى أن يتكلم به إذا شاء متى شاء، وعلل ذلك بأنه ليس محلا للحوادث ثم أثبت أن كلامه قديم وأن الله لم يزل به متكلما.
ج- وفي مسألة الارادة يقول بعد ذكره لدليل الكلام:"وهذا الدليل على قدم الكلام هو الدليل على قدم الإرادة لله تعالى لأنها لو كانت محدثة لكانت لا تخلو من أن يحدثها في نفسه أو في غيره أو قائمة بنفسها، فيستحيل أن يحدثها في نفسه لأنه ليس بمحل للحوادث، ويستحيل أن يحدثها قائمة بنفسها لأنها صفة والصفة لا تقوم بنفسها كما لا يجوز أن يحدث علما وقدرة قائمين بأنفسهما، ويستحيل أن يحدثها في غيره لأن هذا يوجب أن يكون ذلك الغير مريدا بإرادة الله تعالى، فلما استحالت هذه الوجوه التي لا تخلو الإرادة منها لو كانت محدثة، صح أنها قديمة، وأن الله لم يزل مريدا بها" [2] .
د- ويقول الأشعري في رسالته الى أهل الثغر في باب ذكر ما أجمع عليه السلف من الأصول: "وأجمعوا على إثبات حياة الله عز وجل لم يزل بها حيا، وعلما لم يزل به عالما، وقدرة لم يزل بها قادرا، وكلاما لم يزل به متكلما، وإرادة لم يزل بها مريدا، وسمعا وبصرا لم يزل به سميعا بصيرا، وعلى أن شيئا من هذه الصفات لا يصح أن يكون محدثا؛ إذ لو كان شيء منها محدثا لكان تعالى قبل حدثها موصوفا بضدها، ولو كان كذلك يخرج عن الأهلية وصار إلى حكم المحدثين [3] ، الذي يلحقهم النقص ويختلف عليهم صفات الذم والمدح، وهذا يستحيل على الله عز وجل، وإذا استحال ذلك عليه وجب أن يكون لم يزل بصفة الكمال، إذا كان لا يجوز عليه الانتقال من حال من الكمال" [4] . وهذا واضح في نفي الصفات الاختيارية له تعالى. [1] اللمع (ص: 43- 44) ، و (ص: 22) - ط- مكارثي [2] اللمع (ص: 45- 6،) - ط- غرابة، و (ص: 23) - مكارثي. [3] في الطبعة الأخيرة- ت عبد الله شاكر (ص: 215) -"ولو كان كذلك لخرج عن الإلهية وصار الى حكم المحدثين". [4] رسالة أهل الثغر (ص: 67-68) ت الجليند وفيه وسار بدل (وصار) وهو خطأ.