فهو حادث واضطر لطرد هذا الأصل أن يقول في مسألة كلام الله: إنه ليس إلا مجرد المعنى وان الحروف ليست من كلام الله. كما أنه بناء على هذا الأصل لم يثبت لله صفة الرضي والغضب.
فهذه الطريقة لم تكن موجودة قبل ابن كلاب، بل كان الناس قبله على قولين فقط، قول المعتزلة والجهمية والنفاة، وقول السلف الذين يثبتون لله جميع الصفات سواء كانت لازمة لذاته أو تتعلق بمشيئته وقدرته، فلما جاء ابن كلاب أثبت الصفات لكنه نفي ما يتعلق بمشيئته وقدرته، واتبعه على ذلك جماعة منهم
الأشعري [1] .
3- أما الأدلة على كون الأشعري قد تابع ابن كلاب فيتضح من خلال النصوص التالية:
أ- يقول الأشعري في اللمع في الدلالة على اثبات الصانع- بعد أن ذكر دليل خلق الإنسان-: "فإن قالوا: فما يؤمنكم أن تكون النطفة لم تزل قديمة؟ قيل لهم: لو كان ذلك كما ادعيتم لم يجز أن يلحقها الإعتمال والتأثير، ولا الانقلاب والتغيير، لأن القديم لا يجوز انتقاله وتغيره، وأن يجري عليه صفات الحدث.." [2] ، والصفات الاختيارية التي تدل على أن الله يتكلم إذا شاء متى شاء، وأنه ينزل ويأتي كما يليق بجلاله وعظمته هى عند الأشعري من الحوادث التي لا يجوز أن تحل بذاته تعالى.
ب- ويقول في مسألة كلام الله وأنه قديم أزلي: "دليل آخر على أن الله لم يزل متكلما: ان الكلام لا يخلو أن يكون قديما أو حديثا، فإن كان محدثا لم يخل أن يحدثه في نفسه، أو قائما بنفسه، أو في غيره، فيستحيل أن يحدثه في نفسه لأنه ليس بمحل للحوادث ... ثم يقول: وإذا فسدت الوجوه التي [1] انظر: رسالة الرد على من أنكر الحرف والصوت للسجزى (ص: 87) ومابعدها ط على الآلة الكاتبة، وانظر: درء التعارض (2/6) ، وانظر: أقوال ابن كلاب في مقالات الأشعري (ص:169،584) - ط ريتر. [2] اللمع (ص: 19) غر ابة، و (ص: 7) - ط- مكارثي.