هـ- وقال في إثبات صفات الله وأنها صفات له على الحقيقة لا على المجاز، وذكر الحياة والقدرة والعلم والكلام والسمع والبصر والإرادة، ثم قال: " واجب- إذا أثبتنا هذه الصفات له عز وجل على ما ذكرته العقول واللغة والقرآن والإجماع عليها- أن لا تكون محدثة، لأنه تعالى لم يزل موصوفا بها، ولا يجب أن تكون أعراضا لأنه عز وجل ليس بجسم، وإنما توجد الأعراض في الأجساد، وتدل بأعراضها فيها وتعاقبها عليها على حدثها، ويجب أن لا تكون غيره عز وجل، لأن غير الشىء هو مفارقته له على وجه من الوجوه، والباريء عز وجل لا تجب مفارقة صفاته له من قبل أن مفارقتها له ما يوجب حدثه وخروجه عن الإلهية، وهذا يستحيل عليه كما لا يجب أن تكون نفس الباريء عز وجل جسما أو جوهرا أو محدودا، أو في مكان دون مكان، أو غير ذلك، مما لا يجوز عليه من صفاتنا لمفارقته لنا، فلذلك لا يجوز على صفاته ما يجوز على صفاتنا ... " [1] ، وهذا واضح في أنه لا يرى مفارقة صفات الله له لأن هذا يوجب حدثه، كما نفى أن يكون تعالى في مكان دون مكان، ولذلك قال في صفة المجيء: " وأجمعوا على أنه يجيء يوم القيامة والملك صفا صفا، لعرض الأم وحسابها وعقابها وثوابها، فيغفر لمن شاء من المذنبين، ويعذب منهم من يشاء كما قال، وليس مجيئه حركة ولا زوالا، وإنما يكون المجيء حركة وزوالا إذا كان الجائي جسما أو جوهرا، فإذا ثبت أنه عز وجل ليس بجسم ولا جوهر لم يجب أن يكون مجيئه نقلة أو حركة، ألا ترى أنهم لا يرون بقولهم: جاءت زيدا الحمي، أنها تنقلت إليه أو تحركت من مكان كانت فيه، إذ لم تكن جسما ولا جوهرا وإنما مجيئها إليه وجودها به " (2)
ثم قال عن صفة النزول: " وأنه عز وجل ينزل إلى سماء الدنيا كما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وليس نزوله تعالى نقلة لأنه ليس بجسم ولا جوهر، وقد نزل الوحي على النبى - صلى الله عليه وسلم - عند من خالفنا" [3] ، وهذا واضح لا يحتاج إلى بيان. [1] الرسالة إلى أهل الثغر (ص: 70) ، وفى هذه الطبعة تحريف عدلته من ط عبد الله شاكر (ص:218-219) .
(2) نفس المصدر (ص: 73-74) .. [3] الرسالة إلى أهل الثغر (ص: 74) .