قال: "ولهما[1] عن زيد بن خالد قال: " صلى لنا رسول الله صلي الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية على إثر سماء كانت من الليل، فلما انصرف أقبل على الناس فقال: أتدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب " 2".
زيد بن خالد الجهني صحابي مشهور، مات سنة ثمان وستين، وقيل: غير ذلك، وله خمس وثمانون سنة.
قوله: "صلى لنا رسول الله صلي الله عليه وسلم" أي بنا، فاللام بمعنى الباء. قال الحافظ: وفيه إطلاق ذلك مجازا، وإنما الصلاة لله.
قوله: "بالحديبية" بالمهملة المضمومة وتخفيف يائها وتثقل[3].
قوله: "على إثر سماء كانت من الليل" بكسر الهمزة وسكون المثلثة على المشهور: وهو ما يعقب الشيء.
قوله: "سماء" أي مطر؛ لأنه ينزل من السحاب، والسماء يطلق على كل ما ارتفع.
قوله: "فلما انصرف" أي من صلاته، أي التفت إلى المأمومين، كما يدل عليه
قوله: "أقبل على الناس" ويحتمل أنه أراد السلام.
قوله: "هل تدرون" لفظ استفهام ومعناه التنبيه. وفي النسائي: " ألم تسمعوا ما قال ربكم الليلة؟ "[4]. وهذا من الأحاديث القدسية. وفيه إلقاء العالم على أصحابه المسألة ليختبرهم.
فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من
قوله: "قالوا الله ورسوله أعلم" فيه حسن الأدب للمسئول عما لا يعلم أن يكل العلم إلى [1] رواه البخاري في الصلاة في باب يستقبل الإمام الناس إذا سلم; وفي الاستسقاء في باب قول الله تعالى: (وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون) ، ورواه مسلم في كتاب الإيمان (71) (125) : باب بيان كفر من قال مطرنا بالنوء.
2 البخاري: الجمعة (1038) , ومسلم: الإيمان (71) , وأبو داود: الطب (3906) , وأحمد (4/117) , ومالك: النداء للصلاة (451) . [3] قرية على حدود الحرم، وتسمى الآن الشميسي. وكان فيها صلح الحديبية بين رسول الله صلى الله عليه وسلم والمشركين سنة ست من الهجرة، وكان هذا الصلح الفتح المبين. [4] صحيح. أحمد (4/116) ، النسائي (3/164,165) . وصححه الألباني في صحيح الجامع (1326) .