الله رسوله صلي الله عليه وسلم بالنهي عنه وقتال من فعله. كما قال تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ} [1]. والفتنة الشرك، وإما أن يقول: مطرنا بنوء كذا مثلا، لكن مع اعتقاده أن المؤثر هو الله وحده. لكنه أجرى العادة بوجود المطر عند سقوط ذلك النجم، والصحيح: أنه يحرم نسبة ذلك إلى النجم ولو على طريق المجاز، فقد صرح ابن مفلح في الفروع: بأنه يحرم قول: "مطرنا بنوء كذا". وجزم في الإنصاف بتحريمه ولو على طريق المجاز، ولم يذكر خلافا. وذلك أن القائل لذلك نسب ما هو من فعل الله تعالى الذي لا يقدر عليه غيره إلى خلق مسخر لا ينفع ولا يضر، ولا قدرة له على شيء، فيكون ذلك شركا أصغر. والله أعلم.
قوله: "والنياحة" أي رفع الصوت بالندب على الميت[2]؛ لأنها تَسخُّط بقضاء الله، وذلك ينافي الصبر الواجب، وهي من الكبائر لشدة الوعيد والعقوبة.
وقال: " النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة، وعليها سربال من قطران ودرع من جرب " [3]. رواه مسلم.
قوله: "والنائحة إذا لم تتب قبل موتها" فيه تنبيه على أن التوبة تكفر الذنب وإن عظم، هذا مجمع عليه في الجملة، ويكفر أيضا بالحسنات الماحية والمصائب، ودعاء المسلمين بعضهم لبعض، وبالشفاعة بإذن الله، وعفو الله عمن شاء ممن لا يشرك به شيئا. وفي الحديث عن ابن عمر مرفوعا: " إن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر " [4]. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وابن حبان.
قوله: "تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب" قال القرطبي: السربال واحد السرابيل، وهي الثياب والقُمُص، يعني أنهن يلطخن بالقطران، فيكون لهن كالقمص; حتى يكون اشتعال النار بأجسادهن أعظم، ورائحتهن أنتن، وألمهن بسبب الجرب أشد. وروي عن ابن عباس: إن القطران هو النحاس المذاب[5]. [1] سورة الأنفال آية: 39. [2] وضرب الخدود وشق الجيوب والدعاء بدعوى الجاهلية. [3] مسلم: الجنائز (934) , وابن ماجه: ما جاء في الجنائز (1581) , وأحمد (5/342 ,5/344) . [4] حسن. أحمد (2/132. 153) والترمذي: كتاب الدعوات (3537) : باب في فضل التوبة والاستغفار. وحسنه. وابن ماجة: كتاب الزهد (4253) : باب ذكر التوبة. وابن حبان (2249-موارد) . وحسنه الألباني في صحيح الجامع (1899) . [5] ذكر ذلك الحافظ ابن كثير وغيره عند تفسير قوله تعالى: (14: 49، 50) (وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد سرابيلهم من قطران) .