عالمه. وذلك يجب[1].
قوله: "أصبح من عبادي" الإضافة هنا للعموم بدليل التقسيم إلى مؤمن وكافر كقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ} [2].
قوله: "مؤمن بي وكافر" إذا اعتقد أن للنوء تأثيرا في إنزال المطر فهذا كفر؛ لأنه أشرك في الربوبية، والمشرك كافر. وإن لم يعتقد ذلك فهو من الشرك الأصغر؛ لأنه نسب نعمة الله إلى غيره، ولأن الله لم يجعل النوء سببا لإنزال المطر فيه، وإنما هو فضل من الله ورحمة يحبسه إذا شاء وينزله إذا شاء.
ودل هذا الحديث على أنه لا يجوز لأحد أن يضيف أفعال الله إلى غيره ولو على سبيل المجاز. وأيضا الباء تحتمل معاني، وكلها لا تصدق بهذا اللفظ، فليست للسببية ولا للاستعانة، لما عرفت من أن هذا باطل. ولا تصدق أيضا على أنها للمصاحبة؛ لأن المطر قد يجيء في هذا الوقت وقد لا يجيء فيه، وإنما يجيء المطر في الوقت الذي أراد الله مجيئه فيه برحمته وحكمته وفضله، فكل معنى تحمل عليه الباء في هذا اللفظ المنهي عنه فاسد. فيظهر على هذا تحريم هذه اللفظة مطلقا لفساد المعنى. [3] وقد تقدم القطع بتحريمه في كلام صاحب الفروع والإنصاف.
قال المصنف -رحمه الله-: "وفيه التفطن للإيمان في هذا الموضع" يشير إلى أنه الإخلاص.
قال: مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب "[4].
قوله: "فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته" فالفضل والرحمة صفتان لله، ومذهب أهل السنة والجماعة: أن ما وصف الله به نفسه ووصفه به رسوله من صفات الذات: كالحياة [1] وردهم هذا إنما كان يصح حينما كان الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته الدنيا حاضر المجلس؛ فإن الواجب رد العلم إلى الله ثم إليه. وأما بعد أن مات وفارق هذه الدنيا, فلا ينبغي رد العلم إلا إلى الله وحده. فمن الخطأ استعمال الناس هذه الجملة الآن وقولهم: "الله ورسوله أعلم". [2] سورة التغابن آية: 2. [3] وكذلك مثلها مما يستعمله الجاهلون, كقولهم: يا ربنا بمحمد وببنته، ونحو ذلك من ألفاظ في توسلاتهم ودعواتهم الجاهلية. [4] البخاري: الأذان (846) والجمعة (1038) , ومسلم: الإيمان (71) , وأبو داود: الطب (3906) , وأحمد (4/117) .