اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري الجزء : 1 صفحة : 354
شريكه في رزقه فكيف تجعلون لي من عبيدي شركاء فيما أنا منفرد به؛ وهي الإلهية التي لا تنبغي لغيري، ولا تصلح لسواي؟ فمن زعم ذلك فما قدرني حق قدري، ولا عظمني حق تعظيمي، ولا أفردني بما أنا منفرد به وحدي دون خلقي.
فما قدَّر الله حق قدره من عبد معه غيره، كما قال تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [1].
فما قدّر من هذا شأنه وعظمته حق قدره من أشرك معه في عبادته من ليس له شيء من ذلك البتة، بل هو أعجز شيء وأضعفه، فما قدر القوي العزيز حق قدره من أشرك معه الضعيف الذليل.
وكذلك ما قدّره حق قدره من قال إنه لم يرسل إلى خلقه رسولاً ولا أنزل كتاباً بل نسبه إلى ما لا يليق به ولا يحسن منه من إهمال خلقه وتركهم سدى، وخلقهم باطلاً عبثاً.
ولا قدره حق قدره من نفى حقائق أسمائه الحسنى وصفاته العليا، فنفى سمعه وبصره، وإرادته، واختياره، وعلوّه فوق خلقه، وكلامه وتكليمه لمن شاء من خلقه بما يريد، أو نفى عموم قدرته وتعلّقها بأفعال عباده من طاعتهم ومعاصيهم، فأخرجها عن قدرته ومشيئته وخلقه، وجعلهم يخلقون لأنفسهم ما يشاؤون بدون مشيئة الرب تبارك وتعالى، فيكون في ملكه ما لا يشاء ويشاء ما لا يكون، تعالى الله عز وجل عن قول أشباه المجوس علواً كبيراً.
وكذلك ما قدّره حق قدره من قال: إنه يعاقب عبده على ما لا يفعله العبد ولا له عليه قدرة، ولا تأثير له فيها البتة بل هو نفس فعل الرب جل جلاله، فيعاقب عبده على فعله، وهو سبحانه وتعالى الذي جبر العبد عليه، وجبره على الفعل أعظم من إكراه المخلوق المخلوق، فإذا كان من المستقر في الفطر والعقول [1] سورة الزمر: 67.
اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري الجزء : 1 صفحة : 354