اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري الجزء : 1 صفحة : 331
ورضوانه، فالقصر على ما تعبدنا فيه من محض الإيمان، والعدول عنه عين المقت والخذلان.
وهذا خلاصة ما ذكروه من جعل الاستغاثة والاستشفاع بغير الله شركاً ظاهراً لا يغفر، ومتعاطيه جاعل لله نداً، فيذبح بأمر الله تعالى، وشرع رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لم يتب ويستغفر.
وبالجملة؛ فالاستغاثة والاستعانة والتوكل أغصان دوحة التو-جد، المطلوب من العبيد.
بقي ههنا شيء يورده المجيزون على هؤلاء المانعين؛ وهو أنه لا شك أن من عبد غير الله مشرك حلال الدم والمال، وأن الدعاء المختص بالله سبحانه عبادة، بل هو مخ العبادة، ولكن لا نسلم أن طلب الإغاثة ممن استغيث بهم شرك مطلقاً، وإنما يكون شركاً لو كان المستغيث معتقداً أنهم هم الفاعلون لذلك خلقاً وإيجاداً، فحينئذ يكون من الشرك الاعتقادي قطعاً. أما من اعتقدهم الفاعلين كسباً وتسبباً فليس بمسلَّم، ولئن سلمنا فليس المقصود من طلب الإغاثة منهم وندائهم إلا التوسل بهم وبجاههم، وإن كان اللفظ ظاهراً يدل على الطلب منهم وأنهم المطلوبون بهذا النداء، لكن مقصود المستغيث التشفع والتوسل بهم إلى ربهم، وهو صلى الله عليه وسلم من أشرف الوسائل إلى الله سبحانه، وقد أمرنا سبحانه بطلب ما يتوسل به، فقال تعالى: {وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} [1]. فكيف تحظرونها بل تجعلونها شركاً مخرجاً عن الملة؟ وليس في قلوب المسلمين إلا هذا المعنى، وإن في ذلك تكفير أكثر الناس، من غير ارتياب والتباس. وكيف تحكمون على أناس قد أظهروا شعائر الإسلام من أذان وصلاة، وصوم وحج، وإيتاء زكاة، يأتون بكلمة التوحيد، ويحبون الله ويحبون سيد المرسلين، ويتبلغون بالقبول التام ما جاء عنهما من أمور الدين، وغاية الأمر أنهم لرهبتهم من ربهم ومعرفتهم بعلو مرتبة نبيهم وما وعده الله [1] سورة المائدة: 35.
اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري الجزء : 1 صفحة : 331