اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري الجزء : 1 صفحة : 332
سبحانه من إرضاءه في أمته، كما قال سبحانه: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [1] ولا يرضى صلى الله عليه وسلم إلا بأن يقف لأمته في مثل هذه التوسلات فينالوا الرغبات، وليس في أقوالكم هذه إلا تنقص بحق هذا النبي الذي أوجب الله علينا حبه أكثر من محبتنا لأنفسنا، وفي مثل ذلك بشاعة في القول، وشناعة بطريق الأولى؟
فالجواب عنهم: منهم أن قالوا: أما أول اعتراضكم وقولكم إنه ليس مقصودهم إلا التوسل- وإن تكلموا بما يفيد غيره- فإنه يدل على أن الشرك لا يكون إلا اعتقادياً، وأنه لا يكون كفر إلا إذا طابق الاعتقاد، وهذا يقتضي سد أبواب الشرائع بأسرها، ومحو الأبواب التي ذكرها الفقهاء في الردة ومحقها، كيف وأن الله سبحانه يقول: {وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ} [2] وقال سبحانه: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} [3].
وقد ذكر المفسرون أنهم قالوها على جهة المزح.
وكذلك العلماء كفّروا بألفاظ سهلة جداً، وبأفعال تدل على ما هو دون ذلك، ولو فتحنا هذا الباب لأمكن لكل من تكلم بكلام يحكم على قائله بالردة أن يقول: لم تحكمون بردتي؟ فيذكر احتمالاً ولو بعيداً يخرج به عما كٌفّرَ فيه، ولما احتاج إلى توبة، ولا توجه عليه لوم أبداً، ولساغ لكل أحد أن يتكلم بكل ما أراد، فتنسد الأبواب المتعلقة بأحكام الألفاظ من حد قذف، وكفارة يمين، وظهار، ولانسدت أبواب العقود من نكاح وطلاق، وغير ذلك من الفسوخ والمعاملات، فلا يتعلق حكم من الأحكام بأي لفظ كان- إلا إذا اعتقد المعنى- وإن أفيد بوضع الألفاظ.
وأما ما ذكرتم من أنه أشرف الوسائل؛ فهي كلمة حق أريد بها باطل، [1] سورة الضحى: 5. [2] سورة التوبة: 74. [3] سورة التوبة: 65- 66.
اسم الکتاب : غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف : الآلوسي، محمود شكري الجزء : 1 صفحة : 332