اسم الکتاب : صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان المؤلف : السَهْسَوَاني، محمد بشير الجزء : 1 صفحة : 390
طاشت العقول، فمنهم من خبل، ومنهم من أقعد فلم يطق القيام، ومنهم من أخرس فلم يطق الكلام، ومنهم من أضنى. وكان عمر ممن خبل، وكان عثمان ممن أخرس يذهب ويجيء ولا يستطيع كلاماً، وكان علي ممن أقعد فلم يستطع حراكاً، وأضنى عبد الله بن أنيس فمات كمداً، وكان أثبتهم أبو بكر جاء وعيناه تهملان، وزفراته تتردد، وغصصه تتصاعد وترتفع، فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فأكب عليه، وكشف الثوب عن وجهه وقال: طبت حياً وميتاً، وانقطع لموتك ما لم ينقطع لموت أحد من الأنبياء قبلك، فعظمت عن الصفة، وجللت عن البكاء، ولو أن موتك كان اختيارياً لجدنا لموتك بالنفوس، اذكرنا يا محمد عند ربك، ولنكن من بالك، هكذا ذكره صاحب المواهب بلا سند، ولم يتعرض شارحه العلامة محمد بن عبد الباقي الزرقاني أيضاً لسنده بل هناك قرينة تدل على أنه ليس من كلام الصديق رضي الله عنه وهي أن الله تعالى حرم على الأمة نداءه باسمه، قال تعالى: {لاَ تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضاً} أي لا تجعلوا دعاءه وتسميته كنداء بعضكم بعضاً باسمه ورفع الصوت به والنداء وراء الحجرات، ولكن قولوا: يا رسول الله يا نبي الله، مع التوقير والتواضع وخفض الصوت، فكيف يقول أفضل الأمة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم "يا محمد"؟ ومن ثم وقع لفظ "يا نبي الله" في قول الصديق رضي الله عنه في حديث عائشة الذي رواه البخاري في الجنائز ولفظه هكذا: "ثم بكى فقال: بأبي أنت وأمي يا نبي الله، لا يجمع الله عليك موتتين إلا الموتة التي كتبت عليك فقد متها.
قال بعض المحققين[1] في الرد على كتاب (جلاء الغمة) : وفي نفس هذا الأثر الذي أورده ما يرد عليه من وجوه: (منها) : قوله اللهم أبلغه عنا، فإذا سأل الله أن يبلغ نبيه عنهم فكيف يقول بعدها اذكرنا يا محمد عند ربك؟ وهل هذا إلا عكس ما قبله؟ ومن دون أبي بكر يتحاشى العاقل من نسبته إليه، فكيف بصديق الأمة؟ [1] هو الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن، وكتابه (مصباح الظلام) اهـ. من حاشية خطية على الأصل.
اسم الکتاب : صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان المؤلف : السَهْسَوَاني، محمد بشير الجزء : 1 صفحة : 390