اسم الکتاب : صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان المؤلف : السَهْسَوَاني، محمد بشير الجزء : 1 صفحة : 389
أقول: لا يخفى عليك أن لفظ "بأبي أنت وأمي طبت حياً وميتاً والله الذي نفسي بيده لا يذيقك الله الموتتين أبداً" رواه البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها في حديث طويل في مناقب الصديق رضي الله عنه، وفيه خطاب لكن هذا الخطاب مجازي من جنس ما يخاطبون المندوب ويعدون محاسنه الواقعية، كما روي عن ابن عباس، يقول: وضع عمر على سريره فتكففه الناس يدعون ويصلون قبل أن يرفع وأنا فيهم، فلم يرعني إلا رجل أخذ منكبي فإذا علي بن أبي طالب، فترحم على عمر، وقال: ما خلفت أحداً أحب إليّ أن ألقى الله بمثل عمله منك، وأيم الله إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك، وحسبت أني كنت كثيراً أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ذهبت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر".
وكما روي عن أنس رضي الله عنه أنه لما مات صلى الله عليه وسلم قالت فاطمة: يا أبتاه أجاب رباً دعاه، يا أبتاه من جنة الفردوس مأواه، يا أبتاه إلى جبريل ننعاه. رواه البخاري، قال الحافظ في الفتح فيؤخذ منه أن تلك الألفاظ إذا كان الميت متصفاً بها لا يمنع ذكره لها بعد موته، بخلاف ما إذا كانت فيه ظاهراً وهو في الباطن بخلافه أو لا يتحقق اتصافه بها فيدخل في المنع. اهـ.
ويؤيد هذا المعنى قوله رضي الله عنه: بأبي أنت وأمي، فإن حقيقة التفدية لا تتصور بعد الموت، فكما أن المراد بالتفدية معناها المجازي كذلك الخطاب، وأيضاً يؤيده قوله رضي الله عنه: وانبياه، واصفياه، واخليلاه، فإن لفظ "وا" لا تستعمل في النداء، إنما تستعمل في الندبة، ويحتمل أن يكون ذلك الخطاب والنداء مثل الخطاب والنداء الواقعين في الأحاديث الواردة في زيارة القبور، والتوجيه فيه مثل ما ذكر في الأحاديث المذكورة.
بقي قوله رضي الله عنه اذكرنا يا محمد عند ربك، ولنكن من بالك، وظاهره مشكل، فإن فيه نداء مع الطلب من الميت هو غير جائز عندنا، والجواب هو الكلام في ثبوت هذا اللفظ، فإني لا أعلم أحداً رواه بسند صحيح أو حسن خال عن العلة، إنما ذكره صاحب المواهب بغير سند، وعبارته هكذا: وقال ابن المنير: لما مات صلى الله عليه وسلم
اسم الکتاب : صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان المؤلف : السَهْسَوَاني، محمد بشير الجزء : 1 صفحة : 389