اسم الکتاب : صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان المؤلف : السَهْسَوَاني، محمد بشير الجزء : 1 صفحة : 391
وقد ثبت في الصحيح وغيره أن الشهداء قالوا: ألا بلغوا عنا قومنا أنا قد لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا، ولم يأتي أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى شهيد من الشهداء وطلب منه أن يبلغ عنه ربه، وهم أجل وأفقه من ذلك، فكيف بالصديق رضي الله عنه فإذا جاءت السنة بأن الله هو الذي يبلغ عمن عنده من الشهداء فكيف يعكس القضية ويجعل النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يبلغ ربه؟ هذا لو صح سنده، فكيف وهو عمن لا يحتج به؟ قال بن السكن: سيف بن عمر ضعيف، وقال أبو حاتم: قعقاع بن عمرو قال: شهدت وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذا فيما رواه سيف بن عمر بن عمرو بن تمام عن أبيه عنه، وسيف متروك فبطل الحديث. اهـ.
وعلى تقدير ثبوت اللفظ المذكور فلا يبعد كل البعد أن يكون هذا النداء والطلب كلاهما مجازيين كما يتصور الحبيب كثيراً حبيبه في نفسه فيخاطبه بأمور ويطلب منه أشياء، ولا يقصد هناك إلى مجرد التذاذ نفسه بتلك التصورات والألفاظ لا معانيها الحقيقية، أو يكون المقصود بالخطاب غير المخاطب كما تقدم فكأنه خاطب الله وطلب منه أن يجعل نبيه ذاكرنا عنده تعالى وشفيعنا لديه، وهذان الاحتمالان وإن كانا لا يخلوان عن بعد، لكنهما ليسا بأبعد من الاحتمالات التي وضعها المؤلف لتصحيح كلام المشركين.
قوله: ولما تحقق عمر رضي الله عنه وفاته صلى الله عليه وسلم بقول أبي بكر رضي الله عنه قال هو يبكي: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لقد كان لك جذع تخطب الناس عليه، فلما كثروا واتخذت منبرا لتسمعهم حن الجذع لفراقك حتى جعلت يدك عليه فسكن، فأمتك أولى بالحنين عليك حين فارقتهم –إلى قوله- فانظر إلى هذه الألفاظ التي نطق بها عمر رضي الله عنه فقد تعدد فيها النداء له صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، وقد رواها كثير من أئمة الحديث وذكرها القاضي عياض في الشفاء والقسطلاني في المواهب والغزالي في الإحياء وابن الحاج في المدخل.
أقول: في المواهب بعد ذكر هذا الخبر ما نصه: الخبر ذكره أبو العباس القصار في شرحه لبردة الأبوصيري ونقله عن الرشاطي في كتابه "اقتباس الأنوار والتماس
اسم الکتاب : صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان المؤلف : السَهْسَوَاني، محمد بشير الجزء : 1 صفحة : 391