س: وهذه شبهة يثيرها أحد الأخوة يقول: ألاحظ ويلاحظ غيري كثيرا من طلبة العلم أن دروس العقيدة عامة تبدأ وتنتهي، ولا يخرج طالب العلم بكثير فائدة من هذه الدروس؛ لأن غالب ما يكون فيها هي أمور قد تقررت في النفوس، وفطر الإنسان على معرفتها، وتركزت في عقيدته، فهل هذا صحيح؟ وأن دراسة العقيدة يستفيد منها طالب العلم في الرد على المخالفين فقط؟.
ج: هذا كلام غير صحيح، وكل ما ورد في هذا السؤال هو دعوى -أعني من يقول إن حضور دروس العقيدة يخرج بها الحاضرون بغير فائدة- هذه دعوى يمكن أن ننسبها لمن ادعاها، نقول: أنت الذي تخرج بغير فائدة؛ لأنه قد استقر في ذهنك عدم الحاجة إلى هذه الدروس، وإلَّا فمسائل الاعتقاد هي أصل لمسائل العمل.
كيف ومسائل الاعتقاد هي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله، هذه أصولها، وأول ذلك الإيمان بالله، ومسائل الاعتقاد التي تطرح وتشرح يعني أعظمها وأهمها ما يتعلق بالله، بأسمائه وصفاته.
فهذه سورة الفاتحة {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) } [1] هذه الآيات الأربع جمعت على سبيل الإجمال والاختصار كل المسائل المتعلقة بمعرفة الله -سبحانه وتعالى-، فقد اشتملت هذه الآيات على التوحيد بأنواعه الثلاثة.
ثم قول القائل: إن هذه المسائل استقرت في النفوس. ما الذي استقر في النفوس؟ نعم إن كان المقصود استقرار أصل العقيدة إجمالا نقول نعم في الجملة، هذا في الجملة.
نعم، نقول: استقر في نفوس المسلمين في الجملة، وكلمة استقر هذه كلمة تحتاج إلى أسباب. "استقرار" معناها التمكن والثبات، وهذا لا يتحقق إلا لمن توفر له معرفة الحق بدليله، وانزاحت عنه شبهات الباطل. [1] - سورة الفاتحة آية: 2-5.