بل هؤلاء الذين لهم أجر خمسين أفضل من الصحابة في خصلة من خصال الدين وفضيلة من الفضائل، فلا يكونون بهذا أفضل من الصحابة مطلقًا، بل هم أفضل من الصحابة في هذه الخصلة وفي هذه الفضيلة، فالتفضيل المقيد لا يوجب الفضل المطلق، نعم.
فصل في موقف أهل السنة والجماعة في كرامات الأولياء
فصل: ومن أصول أهل السنة: التصديق بكرامات الأولياء، وما يجري الله على أيديهم من خوارق العادات في أنواع العلوم والمكاشفات، وأنواع القدرة والتأثيرات، والمأثور عن سلف الأمم في سورة الكهف وغيرها، وعن صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين وسائر فِرَق الأمة، وهي موجودة فيها إلى يوم القيامة.
وهذا أصل من أصول أهل السنة التصديق بكرامات الأولياء يعني: الإيمان بكرامات الأولياء حق، وهي خوارق للعادات ما يُجْرِي الله على أيدي أوليائه من خوارق العادات في العلوم والمكاشفات والقدرة والتأثيرات؛ كالذي حكاه الله عن أوليائه؛ أو عن بعض أوليائه في سورة الكهف.
أصحاب الكهف من أولياء الله، وجرى لهم مما جرى لهم من خوارق العادات أنهم مكثوا في كهفهم مددًا طويلة دون أن يموتوا بقوا أحياء مع ما مضى عليهم من السنين ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا، ومع ذلك يقومون ويرد بعضهم إلى بعض {وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} [1] .
وهذا خارق للعادة لو نام إنسان مدة طويلة هلك ومات؛ لأن جسمه يحتاج إلى الغذاء؛ ينفد وقوده وتنفد طاقته وتنفد، لكن هؤلاء مكثوا سنين، ومع ذلك بقوا أحياء {وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ} [2] يتقلبون وكلنا يعرف ما أجرى الله على يد الخضر على القول بأنه ولي لا نبي من الوقائع الثلاث التي استعظمها موسى: خرق السفينة، وقتل الصبي، وتقويم الجدار. [1] - سورة الكهف آية: 19. [2] - سورة الكهف آية: 18.