كل ذلك من خوارق العادات التي أجراها الله على يدي عبده الخضر، فأهل السنة يؤمنون بكرامات الأولياء إجمالاً، لكن لا يثبتون إلا ما صح، فهم إنما يصدقون بما صح منه، لكن هم من أصولهم الإيمان والتصديق بما ثبت وبما صح من كرامات الأولياء، وهم بهذا يخالفون أهل البدع كالمعتزلة الذين ينكرون كرامات الأولياء ينكرونها، والأخبار مستفيضة في هذا الشأن.
وقد حكى الناس وحكى المؤرخون أمورًا كثيرة، ومنها ما يشاهد بين حين وآخر، وهي مستمرة، كرامات الأولياء يجريها الله على أيديهم، ولا تزال لم تزل، ولا تزال جارية من صدر هذه الأمة إلى أن تقوم الساعة، والله تعالى يجري كرامات الأولياء؛ تقوية لإيمان بعضهم وسدًا لحاجة بعضهم قد يقع العبد الصالح في ضرورة فيحدث الله له أمرًا خارقًا للعادة يكشف به ضرورته؛ فما صح من ذلك وثبت وجب الإيمان به وتصديقه، أما ما لم يثبت فإنه يتوقف فيه ما نقول بأن هذا فعلا وقع ما يحكى ولم يثبت عندنا نتوقف فيه نقول: جائز.
فصل في صفات أهل السنة والجماعة
فصل: ثم من طريقة أهل السنة والجماعة اتباع آثار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باطنًا وظاهرًا، واتباع سبيل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار واتباع وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة ".
ويعلمون أن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - ويؤثرون كلام الله على غيره من كلام أصناف الناس، ويقدمون هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - على هدي كل أحد؛ ولهذا سُموا أهل الكتاب والسنة، وسُموا أهل الجماعة؛ لأن الجماعة هي الاجتماع وضدها الفُرْقَة، وإن كان لفظ الجماعة قد صار اسمًا لنفس القوم المجتمعين.