responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب المؤلف : الأشعري، أبو الحجاج    الجزء : 1  صفحة : 87
اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآياتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ} [1] فدلهم تعالى بحركة الأفلاك على المقدار الذي بالخلق الحاجة إليه في مصالحهم التي لا يخفى[2] مواقع[3] انتفاعهم بها.
كالليل الذي جعل لسكونهم، ولتبريد ما زاد عليهم من حر الشمس في زروعهم وثمارهم، والنهار الذي جعل لانتشارهم وتصرفهم في معايشهم على القدر الذي يحتملونه في ذلك، ولو كان دهرهم كله ليلاً لأضر بهم ما فيه من الظلمة التي تقطعهم عن التصرف في مصالحهم، وتحول بينهم وبين إدراك منافعهم، وكذلك لو كان دهرهم كله نهاراً لأضر بهم ذلك، ودعاهم ما فيه من الضياء[4] إلى التصرف في طلب المعاش مع حرصهم على ذلك إلا ما لا يطيقونه (فأداهم قلة الراحة إلى عطبهم) [5]، وجعل لهم من النهار قسطاً لتصرفهم لا يجوز بهم قدر الطاقة فيه، وجعل لهم من الليل قسطاً لسكونهم، لا يقصر على قدر حاجتهم لتعتدل في ذلك أحوالهم، وتكمل مصالحهم، "وجعل لهم"[6] من البرد والحر[7] فيهما مقدار ما لهم ولثمارهم ولمواشيهم من الصلاح رفقاً لهم[8]، وجعل

[1] سورة آل عمران: آية (190) .
هذه الآية لها شأن عظيم، فهي تلفت النظر إلى بديع صنع الله في خلق السماوات والأرض، وما أودع فيهما من الحكم الجليلة والمنافع العظيمة كما أنها تقرر أن الإيمان يتأكد ويثبت عند ملاحظة آيات الله في الكون، وتتبع العلامات التي بثها الله فيه لتدل عليه وتسوق إلى عبادته وتوحيده.
قال ابن كثير: وقد ذم الله سبحانه وتعالى من لا يعتبر بمخلوقاته الدالة على ذاته وصفاته وشرعه وقدره وآياته فقال: {وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ} ومدح عباده المؤمنين الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض قائلين: {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} (انظر: تفسير ابن كثير 2/161) .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "بتُ عند خالتي ميمونة، فتحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أهله ساعة ثم رقد، فلما كان ثلث الليل الآخر قعد فنظر إلى السماء فقال: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} الآية. (انظر: البخاري كتاب التفسير 6/51) .
وقال أبو السعود: "والتنكير في "آيات" للتفخيم كماً وكيفاً، أي الآيات كثيرة عظيمة لا يقادر قدرها، دالة، على تعاجيب شئونه التي من جملتها ما مر من اختصاص الملك العظيم به سبحانه". (انظر: تفسيره إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم 1/622 مطبعة السعادة بالقاهرة الناشر مكتبة الرياض الحديثة) .
[2] في (ت) "لا تخفى".
[3] في (ت) "واقع".
[4] في (ت) "من الضياء به".
[5] ما بين المعقوفتين من نسخة ابن تيمية، وفي الأصل، و (ت) "فإذا هم قلة الراحة إلى عطيهم".
[6] ساقطة من (ت) .
[7] في (ت) "الحر والبرد".
[8] هكذا بالأصل، و (ت) ، وعند ابن تيمية "بهم".
اسم الکتاب : رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب المؤلف : الأشعري، أبو الحجاج    الجزء : 1  صفحة : 87
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست