اسم الکتاب : رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب المؤلف : الأشعري، أبو الحجاج الجزء : 1 صفحة : 82
حيث قال عز وجل: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ} [1]، فنبههم عز وجل بتقلبهم في سائر الهيئات التي كانوا عليها (على ذلك وشرح ذلك) [2] بقوله عز وجل: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [3].
وهذا من أوضح (ما يقتضي الدلالة على حدث[4] الإنسان) [5]، ووجود المحدث له من قبل أن العلم قد أحاط بأن كل متغير لا يكون قديماً، وذلك أن تغيره يقتضي مفارقة حال كان عليها قبل تغيره وكونه قديماً ينفي تلك الحال، فإذا حصل متغيراً بما ذكرناه من الهيئات التي لم يكن[6] قبل تغيره عليها (دل ذلك على حدوثها، وحدوث الهيئة التي كان [1] الذاريات آية: (21) .
وهذه الآية من الآيات التي استدل بها الأشعري على وجود الله سبحانه ووحدانيته، لأنها تلفت نظر الإنسان إلى التأمل في ذاته، وسيأتي مزيد توضيح لهذه الآية في الآية التالية، وانظر تعليق البيهقي عليها في الاعتقاد ص8، وابن القيم في الجواب الكافي ص23. [2] ما بين المعقوفتين من نسخة ابن تيمية وفي الأصل "على الله شرح ذلك". وفي (ت) "على ذلك شرح"، ولعل الأولى حذف الجار والمجرور "على ذلك"، والكلام مستقيم بدونه. [3] المؤمنون آية: (12، 13) .
وقد ذكر الأشعري أن هذه الآية شرح لما قبلها، وهو بهذا يحدد لنا مجال النظر الذي أمر به القرآن، وهو أن ينظر الإنسان في أصل خلقته، والأطوار والمراحل التي مر بها، وهي سبعة كما في الآية، ثم ينتقل من هذا النظر إلى الإقرار بالله رباً ومعبوداً، وهذا هو الهدف من النظر كما قال تعالى: {مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً} . وانظر كلام البيهقي حول الآية في كتاب الاعتقاد ص9.
ويقول محمد الأمين الشنقيطي: "بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة أطوار خلق الإنسان ونقله له من حال إلى حال، ليدل خلقه بذلك على كمال قدرته واستحقاقه للعبادة وحده جل وعلا". (انظر: أضواء البيان 5/776) . [4] في الأصل: "حدوث"، ولعل الصواب ما أثبته. [5] ما بين المعقوفتين في (ت) هكذا "ما يقتضي وجوده ويدل على إرادته وتدبيره حيث قال عز وجل الدلالة على حدوث الإنسان". [6] ساقطة من (ت) .
اسم الکتاب : رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب المؤلف : الأشعري، أبو الحجاج الجزء : 1 صفحة : 82