وهذا الدليل هو المسمى لدى علماء الكلام (بدليل التمانع) وهو سلامة الكون من الخلل، وانتظام حركاته والاستدلال بذلك أنه من إله واحد.
ومعناه: أنه لو كان في السماوات والأرض آلهة متعددة لأدى ذلك إلى اختلال نظام الكون، لأنه لا بد من حصول اختلاف وتباين في إرادة إله وإله آخر غيره، فيمتنع اجتماع الإرادتين للمتضاد بينهما، كما عدم حصول إرادتهما دليل على العجز والواجب لا يكون عاجزا، وإذا حصل مراد أحدهما دون الآخر كان الغالب هو الواجب والإله الحق، والآخر مغلوب ممكنا، والواقع يثبت صلاح الكون وانتظامه وسلامته من الخلل، وهذا دليل على وحدانية الله تعالى وبطلان ما سواه، وإنه لا معبود بحق إلا هو، وإن تعدد الآلهة يقتضي الفساد للكون ومن فيه[1].
والآية دليل على توحيد الألوهية لا على توحيد الربويبة كما يقول بعض المتكلمين، ومثلها قوله تعالى في هذه الآية: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} [2]. [1] انظر شرح العقيدة الطحاوية ص 87، 88، وكتاب منهج القرآن في الدعوة إلى الإيمان للدكتور على ناصر فقيهي ص 125-126. [2] الآية 91 من سورة المؤمنون.