فلما أفاق أعلن توبته لربه تعالى معترفاً بضعفه وعجزه[1]. قال تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} [2].
وقد فهم بعض المتكلمين من هذه الآية نفي رؤية المؤمنين لربهم في الدنيا والآخرة، وأن معنى قوله تعالى: {لَنْ تَرَانِي} يدل على ذلك، ومن هؤلاء الجهمية والمعتزلة[3].
وهذا تحريف لكلام الله عز وجل، وتأويل له بالباطل، والحق أن رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة ثابتة بالآيات الظاهرة والأحاديث المتواترة، قال الله عز وجل: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [4]. وقال سبحانه مخبراً عن حال الكفار يوم القيامة: {كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [5]. وقال [1] انظر: تفسير ابن كثير 2/ 245. [2] الآية (143) من سورة الأعراف. [3] انظر: كتاب رسائل العدل والتوحيد 1/ 105، 106، وكتاب شرح أصول الخمسة للقاضي عبد الجبار ص 232 وما بعدها. [4] الآيتان (22، 23) من سورة القيامة. [5] الآية (15) من سورة المطففين.