كما روى أبو واقد الليثي[1] رضي الله عنه قال: "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين، ونحن حدثاء عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون عندها، وينوطون بها أسلحتهم يقال لها ذات أتواط، فقلنا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الله أكبر، إنها السنن، قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى {اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} لتركبن سنن من قبلكم" [2]. وسيأتي الكلام عن ذلك إن شاء الله عند الحديث عن دعوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
الموقف التاسع: سؤال موسى رؤية ربه تعالى
لما كلم الله تعالى رسوله موسى عليه السلام تطلعت نفسه أن يرى ربه سبحانه، فسأل الله تعالى ذلك، ولما كان موسى لا يطيق تحمل ذلك، أمره ربه تبارك وتعالى أن ينظر إلى الجبل، فسوف يتجلى الله تعالى للجبل، فإن بقي الجبل وثبت فلعل موسى عليه السلام يثبت لذلك، وإن لم يثبت مع كبره وقوته، فموسى من باب أولى، فما أن تجلى الله عز وجل للجبل حتى اندك على أوله، فلما رأى موسى ذلك لم يطق تحمله فخر مغشياً عليه، [1] اسمه الحارث بن عوف بن أسيد بن جابر الليثي صحابي جليل شهد بدراً والفتح وحنين وغيرها من المشاهد والغزوات، توفي رضي الله عنه سنة 68 هـ وقيل: 85 هـ. انظر: الإصابة لابن حجر 4/ 212. [2] مسند الإمام أحمد 5/ 218، والترمذي في السنن 4/ 475، وقال: حديث حسن صحيح، وصححه الألباني. انظر: صحيح سنن الترمذي 2/ 235.