اسم الکتاب : تأسيس التقديس في كشف تلبيس داود بن جرجيس المؤلف : أبا بطين، عبد الله الجزء : 1 صفحة : 136
فإذا أخبر الرسول أنهم حاضرون قادرون بقوله: فإن لله حاضرا سيسحبه. فإخبار الرسول بحضورهم أبلغ من رؤيتنا لهم، كما لو كان الذي انفلتت دابته أعمى ويعلم أن عنده أناسا لا يراهم، فإنه يستعين بهم لعلمه أنهم يسمعون كلامه وإن لم يكن يراهم.
قال المعترض في كلامه على هذا الأثر قال: ولكون النبي صلى الله عليه وسلم حاضرا مع موته شرع لنا خطابه والسلام عليه في الصلاة.
فقوله: مع موته. إقرار منه بموته في قبره الآن. ثم كابر فادعى أن جميع الصالحين في قبورهم أحياء، وكذب في هذه الدعوى، والله سبحانه أخبرنا بحياة الشهداء في كتابه، والأنبياء أرفع من الشهداء فهم أولى بذلك من الشهداء، مع أنه لم يأت حديث صحيح بحياتهم. وهذه حياة لا يعلم صفتها وحقيقتها إلا الله لقوله سبحانه: {بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ} [البقرة:154] .
وأما قوله بحياة الصالحين غير الأنبياء والشهداء في قبورهم فكذب منه وافتراء.
وقوله: ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن ينادوهم ويخاطبوهم مخاطبة الحاضر مع أنهم غائبون عن الأعين.
فيقال لهذا المبطل: الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أمته وشرعه لهم عند زيارة القبور حجة عليك كافية في إبطال مذهبك، هل فيما شرعه النبي صلى الله عليه وسلم حرف واحد يتضمن دعاءهم والطلب منهم والاستغاثة بهم؟! بل ليس فيها ما يتضمن سؤاله بهم. فليتأمل طالب الحق جميع ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم مما كان يقول إذا زارها، وما أمر به أمته عند زيارتها، هل يجد فيها حرفا واحدا مما يعتمده أهل الشرك والبدع أم يجدها مخالفة لما هم عليه من جميع الوجوه؟ فمضمون الزيارة التي شرعها صلى الله عليه وسلم تذكر الآخرة، والإحسان إلى المزور بالدعاء له والترحم عليه والاستغفار له وسؤال العافية له، فبدل هؤلاء
اسم الکتاب : تأسيس التقديس في كشف تلبيس داود بن جرجيس المؤلف : أبا بطين، عبد الله الجزء : 1 صفحة : 136