بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [آل عمران: 170,169] وقد يحصل للمهاجر ما يحبه من حسن العاقبة في الدنيا مع ما يرجو[1] في الآخرة كما قال تعالى: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً} الآية [النساء: 100] .
ونظير تبك الهجرة خوفا من الفقر أو القتل مداهنة أهل المعاصي خوفا من أذاهم وقد قال تعالى: في حقهم {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ} [العنكبوت:10] .
وهذا الذي جعل فتنة الناس كعذاب الله قد يدعى أن الضرورة دعته إلى ذلك لو كانت عذرا وقد علمت أن ترك الهجرة عرضة لذهاب الدين وذهاب الدين هو هلاك النفس السرمدي {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} [الزمر: 15] هذا في تركهم الهجرة.
وأما الهجرة فن الغالب على أهلها السلامة والعز والتمكين كما جرى ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأتباعه سلفا وخلفا وبها يحصل الجهاد وتعلو كلمة الله ويعمل في الأرض بطاعة الله.
ومصالح الهجرة في الدنيا أكثر من أن تحصر كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ} [النحل: 41] فبطل هذا القياس من وجهين:
الأول: أنه في[2] مصادمة النصوص الثابتة والقياس في مصادمة النص فاسد الاعتبار عند العلماء قديما وحديثا فإن القياس إنما يصار إليه عند الضرورة إليه إذا عدم النص ولم يوجد للحكم دليل في الكتاب والسنة لا نصا ولا ظاهرا فحينئذ يجوز عند بعض العلماء لدعاء الضرورة إليه وله شروط ومفسدات وله أنواع أربعة لا يعرفها هذا المعترض وأنى له بمعرفة الصحيح منها والسقيم والجائز والممتنع مع قصر الباع وعدم المحصول والاطلاع.
الوجه الثاني: عدم الجامع ووجود الفارق فإن الحكمة في إباحة تناول
1 "ط": يرجوه.
2 "ط": في. ساقطة.