في بعض المشايخ بل الغلو في علي بن أبي طالب بل الغلو في المسيح ونحوه.
فكل من غلا في نبي أو رجل صالح وجعل فيه نوعا من الهية مثل أن يقول: يا سيدي فلان أنصرني أو أغثني أو أرزقني أو أجبرني أو أنا في حسبك ونحو هذه الأقوال فكل هذا شرك وضلال يستتاب صاحبه فإن تاب وإلا قتل فإن الله تعالى إنما أرسل الرسل ليعبدوه وحده لا يجعلوا معه إلها آخر.
والذين يدعون مع الله آلهة أخرى مثل المسيح والملائكة والأصنام لم يكونوا يعتقدون أنها تخلق الخلائق أو تنزل المطر وتنبت النبات وإنما كانوا يعبدونهم أو يعبدون قبورهم أو صورهم ويقولون: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله فبعث الله رسوله ينهى أن يدعى أحد من دونه لا دعاء عبادة ولا دعاء استعانة فقال تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً} [الاسراء: 55 57] وقال طائفة من السلف: كان أقوام يدعون المسيح وعزيرا والملائكة.
إلى أن قال: وعبادة الله وحده لا شريك له هي أصل الدين وهو[1] التوحيد الذي بعث الله به الرسل وأنزل به الكتب قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36] وقال: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الانبياء:25] وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحقق التوحيد ويعلمه أمته حتى قال له رجل: ما شاء الله وشئت قال: "أجعلتني لله ندا؟ بل ما شاء الله وحده" [2] وقال: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" يحذر ما فعلوا وقال: "اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد" وقال: "لا تتخذوا قبري عيدا ولا بيوتكم قبورا وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث ما كنتم" 3
1 "ط": وهي. [2] أخرجا ابن ماجه في السنن رقم 2131 وأحمد في المسند 1/347,283,214 والبخاري في الأدب المفرد رقم 783 واللفظ له وأخرجه ابن أبي الدنيا في الصمت رقم 345 والطبراني في الكبير رقم 13005, وانظر بقية التخريج في كتاب فتح المجيد يسر الله نشره.
3 انظر تخريجها في كتاب فتح المجيد لشرح كتاب التوحيد.