ولهذا اتفق أئمة الإسلام على أنه لا يشرع بناء المساجد على القبور ولا الصلاة عندها وذلك لأن من أكبر أسباب عبادة الأوثان كان تعظيم القبور. واتفق العلماء من السلف أهل السنة والجماعة أنه من سلم على النبي صلى الله عليه وسلم عند قبره انه لا يتمسح بحجرته ولا يقبلها لأنه إنما يكون لأركان بيت الله فلا يشبه بيت المخلوق ببيت الخالق.
كل هذا: لتحقيق التوحيد الذي هو أصل الدين ورأسه الذي لا يقبل الله عملا إلا به ولا يغفر لمن تركه كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً} [النساء:48] ولهذا كانت كلمة التوحيد أفضل الكلام وأعظمه فأعظم آية في القرآن الكريم آية الكرسي {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255] وقال صلى الله عليه وسلم: "من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة" [1] وإلإله: هو الذي يألهه القلب له واستعانة به رجاء له ومحبة وخشية وإجلالا انتهى.2
وقال العلامة ابن القيم رحمه الله: تعالى: وأما الشرك فهو نوعان: أكبر وأصغر. فالأكبر: لا يغفره الله إلا بالتوبة منه وهو ان يتخذ من دون الله ندا يحبه كما يحب الله بل أكثرهم يحبون آلهتهم أعظم من محبة الله ويغضبون لمنتقصي معبوديهم من المشايخ أعظم مما يغضبون إذا انتقص أحد رب العالمين.
وقد شاهدنا هذا نحن وغيرنا منهم جهرة ويزعمون أنه باب حاجته إلى الله وشفيعه عنده وهكذا كان عباد الأصنام سواء وهذا القدر هو الذي قام بقلوبهم وتوارثه المشركون بحسب اختلاف آلهتهم من الحجر والبشر قال الله تعالى: حاكيا عن أسلاف هؤلاء {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} [الزمر: 3] وما أعز من يتخلص من هذا بل ما أعز من لا يعادي من أنكره. [1] أخرجه أو داود في السنن رقم 3116 وأحمد في المسند 5/233 والحاكم في المستدرك 1/351 وصححه ووافقه الذهبي من حديث معاذ.
2 الوصية الكبرى للحافظ ابن تيمية 35-36-48-56.