وأمّا قوله: «فلا فرق في هذا المعنى بين أن يُعبّر عنه بلفظ التّوسّل أو الاستغاثة أو التّشفّع أو التّوجّه ... » إلخ.
أقول: هذا كلام مَن لم يعرف أسلوب لغة العرب؛ لأنّ كلّ مَن له أقلّ معرفة بلغة العرب يظهر له الفرق بين التّوسّل والاستغاثة والتّوجّه، ولا يشكّ عاقل في أنّ التّوسّل هو سؤال الله ـ تعالى ـ متوسّلًا إليه ـ سبحانه ـ بالنّبيّ صلى الله عليه وسلم أو الوليّ.
[أمّا] الاستغاثة: فهي طلب الغوث من المُستغاث به، لا طلب الغوث من غيره؛ كما قال الله ـ تعالى ـ: {فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوّه} ؛ فظهر الفرق.
وأيضًا فإنّ مدّة التّوسّل لا تتعدّى إلَّا بالحرف؛ كقولك: «توسّلتُ بفلان إلى فلان» ، ومثله: «تشفّعت به وتوجّهتُ به» ، وتصير الباء على هذا بمعنى السّببيّة.
وأمّا مادّة (الاستغاثة) ؛ فإنّها تتعدّى بنفسها وبالحرف، وكلاهما واحد؛ فنقول: «استغاثه واستغاث به» ، وكلا المعنيين: طلب الغوث من المُستغاث به؛ فظهر الفرق بين «التّوسّل» و «الاستغاثة» . وسيأتي لهذا مزيد بيان.
وأمّا قوله: «فالمسؤول في هذه الدّعوات كلّها هو الله ـ سبحانه وتعالى ـ» .
أقول: هذه الدّعوات ليس فيها ما يدلّ على قصد هذا المعترض؛ لأنّ لفظ الحديث الأوّل [ليس فيه] إلَّا سؤال الله ـ تعالى ـ بأسمائه وصفاته، وفي حديث الغار ليس فيه إلَّا التّوسّل إلى الله ـ تعالى ـ بصالح الأعمال؛ فأيّ شخص في هذين الحديثين قد تُوسّل به إلى الله؟! فتأمّل!