responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 53
السَّمَاء وَجلسَ عَن يَمِين الْأَب وَهُوَ مستعد للمجيء تَارَة أُخْرَى للْقَضَاء بَين الْأَمْوَات والأحياء ونؤمن بِروح الْقُدس الْوَاحِد روح الْحق الَّذِي هُوَ مُشْتَقّ من أَبِيه روح محبَّة وبمعبودية وَاحِدَة لغفران الْخَطَايَا وبجماعة وَاحِدَة قدسية سليحية جائليقية وبقيامة أبداننا وبالحياة الدائمة إِلَى أَبَد الآبدين وَقَالَ فِي أول إنجيل يوحنا التلميذ فِي البدء كَانَت الْكَلِمَة والكلمة عِنْد الله وَالله كَانَ الْكَلِمَة
قَالَ أَبُو مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ فَهَذِهِ أَقْوَال إِذا تأملها ذُو عقل علم أَنَّهَا وساوس أَو جُنُون ملقى من الشَّيْطَان لَا يمْتَحن بِهِ إِلَّا مخذول مشهود لَهُ بِبَرَاءَة الله تَعَالَى مِنْهُ وَيُقَال لَهُم الْكَلِمَة هِيَ الْأَب أَو الابْن أَو روح الْقُدس أم شَيْء رَابِع فَإِن قَالُوا شَيْء رَابِع فقد خَرجُوا عَن التَّثْلِيث إِلَى التربيع وَإِن قَالُوا إِنَّهَا أحد الثَّلَاثَة سئلوا عَن الدَّلِيل على ذَلِك إِذْ الدَّعْوَى لَا يعجز عَنْهَا أحد ثمَّ يُقَال لَهُم الْأَب هُوَ الابْن أم غَيره فَإِن قَالُوا هُوَ غَيره سئلوا أَيْضا من الملتحم فِي مشيمة مَرْيَم المتحد مَعَ طبيعة الْمَسِيح الْأَب أم الابْن فَإِن قَالُوا الابْن فقد بَطل أَن يكون هُوَ الْأَب وخالفوا يوحنا إِذْ يَقُول فِي أول إنجيله إِن الْكَلِمَة هِيَ الله فَإِذا كَانَت هِيَ الله والكلمة التحمت فِي مشيمة مَرْيَم فَالله تَعَالَى هُوَ نَفسه التحم فِي مشيمة مَرْيَم وَفِي أمانتهم أَن الابْن هُوَ الَّذِي التحم فِي مشيمة مَرْيَم وَهَذِه وساوس لَا نَظِير لَهَا
وَيُقَال أَيْضا هَل معنى التحم إِلَّا صَار لَحْمًا وَهَذَا غير قَول النسطورية والملكية
وَإِن قَالُوا بل الْأَب فقد بَطل أَن يكون هُوَ الابْن وخالفوا يوحنا وَالْأَمَانَة وَإِن قَالُوا هُوَ الْأَب وَهُوَ الابْن تركُوا قَوْلهم أَن الابْن يقْعد عَن يَمِين أَبِيه وَأَن الْأَب يعلم وَقت الْقِيَامَة وَالِابْن لَا يعلمهَا وَقَوْلهمْ فِي إنجيل يوحنا الْأَب فوض الْأَمر إِلَى ابْنه وَالْأَب أكبر من الابْن فَهَذِهِ نُصُوص على أَن الابْن غير الْأَب إِذْ لَا يقْعد الْمَرْء عَن يَمِين نَفسه وَلَا يُفَوض الْأَمر إِلَى نَفسه وَلَا يجهل مَا يعلم وَهَذَا كُله يبطل قَوْلهم أَن الابْن هُوَ الْعلم وَالْقُدْرَة أَو غير ذَلِك لِأَن هَذِه الصِّفَات لَا تقعد عَن يَمِين حاملها وَلَا يُفَوض إِلَيْهَا شَيْء وَإِن قَالُوا لَا هُوَ هُوَ وَلَا هُوَ غَيره دخل عَلَيْهِم من الْجُنُون مَا يدْخل على من ادّعى أَن الصِّفَات لَا هِيَ الْمَوْصُوف وَلَا هِيَ غَيره وَإِن قَالُوا الْأَب هُوَ الابْن وَهُوَ غَيره لم يكن ذَلِك ببدع من سخافاتهم وخروجهم عَن الْمَعْقُول ولزمهم أَن الابْن ابْن لنَفسِهِ وَأب لنَفسِهِ وَأَن الْأَب أَب لنَفسِهِ وَابْن لنَفسِهِ وَلَيْسَ فِي الْحمق والهوس أَكثر من هَذَا وَلَا مُتَعَلق لَهُم بِشَيْء مِمَّا فِي الزبُور وَلَا فِي كتاب شعياء وَغَيره لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي شَيْء مِنْهَا أَن المُرَاد بِمَا ذكر

اسم الکتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 53
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست