responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 51
قَالَ أَبُو مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ وَهَذَا من أغث الْكَلَام لوجوه ضَرُورِيَّة أَحدهَا أَن الْبَارِي تَعَالَى لَا يُوصف بِكَمَال وَلَا تَمام لِأَن الْكَمَال والتمام من بَاب الْإِضَافَة لِأَن التَّمام والكمال لَا يقعان الْبَتَّةَ إِلَّا فِيمَا فِيهِ النَّقْص لِأَن مَعْنَاهُمَا إِنَّمَا هُوَ إِضَافَة شيءٍ إِلَى شيءٍ بِهِ كملت صِفَاته ولولاه لَكَانَ نَاقِصا لَا معنى للتمام والكمال إِلَّا هَذَا فَقَط
وَالْوَجْه الثَّانِي أَن كل عدد بعد الثَّلَاثَة فَهُوَ أتم من الثَّلَاثَة لِأَنَّهُ يجمع إِمَّا زوجا وزوجا وَإِمَّا زوجا وزوجاً وفرداً زأما أَكثر من ذَلِك وبالضرورة يعلم أَن مَا جمع أَكثر من زوج فَهُوَ أتم وأكمل مِمَّا لم يجمع إِلَّا زوجا وفرداً فَقَط فَيلْزمهُ أَن يَقُول أَن ربه أعدادا لَا تتناهى أَو أَنه أَكثر الْأَعْدَاد وَهَذَا أَيْضا مُمْتَنع محَال لَو قَالَه وَكفى فَسَادًا بقول يُؤَدِّي إِلَى الْمحَال
وَالْوَجْه الثَّالِث أَن هَذَا الِاسْتِدْلَال مضاد لقَولهم أَن الثَّلَاثَة وَاحِدًا وَالْوَاحد ثَلَاثَة لِأَن الثَّلَاثَة الَّتِي تجمع الزَّوْج والفرد هِيَ غير الثَّلَاثَة الَّتِي هِيَ عنْدكُمْ وَاحِد بِلَا شكّ لِأَن الثَّلَاثَة الَّتِي تجمع الزَّوْج والفرد لَيست الْفَرد الَّذِي هُوَ فِيهَا وَهِي جَامِعَة لَهُ وَلغيره بل وَلَا هِيَ بعض فَالْكل لَيْسَ هُوَ الْجُزْء والجزء لَيْسَ هُوَ الْكل والفرد جُزْء للثَّلَاثَة وَالثَّلَاثَة كل للفرد وَللزَّوْج مَعَه فالفرد غير الثَّلَاثَة وَالثَّلَاثَة غير الْفَرد وَالْعدَد مركب من وَاحِد يُرَاد بِهِ الْفَرد وَوَاحِد كَذَلِك وَوَاحِد كَذَلِك إِلَى نِهَايَة الْعدَد الْمَنْطُوق بِهِ فالعدد لَيْسَ الْوَاحِد وَالْوَاحد لَيْسَ هُوَ الْعدَد لَكِن الْعدَد مركب من الْآحَاد الَّتِي هِيَ الْأَفْرَاد وَهَكَذَا كل مركب من أَجزَاء فَذَلِك الْمركب لَيْسَ هُوَ جزأ من أَجْزَائِهِ كَالْكَلَامِ الَّذِي هُوَ مركب من حرف وحرف حَتَّى يقوم الْمَعْنى الْمعبر عَنهُ فَالْكَلَام لَيْسَ هُوَ الْحَرْف والحرف لَيْسَ هُوَ الْكَلَام
وَالْوَجْه الرَّابِع أَن هَذَا الْمَعْنى السخيف الَّذِي قَصده هَذَا الْجَاهِل نجده فِي الْإِثْنَيْنِ لِأَن الْإِثْنَيْنِ عدد يجمع فَردا وفرداً وَهُوَ زوج مَعَ ذَلِك فقد وجدنَا فِي الْإِثْنَيْنِ الزَّوْج والفرد فَيلْزمهُ أَن يَجْعَل ربه اثْنَيْنِ
وَالْوَجْه الْخَامِس أَن كل عدد فَهُوَ مُحدث وَكَذَلِكَ كل مَعْدُود يَقع عَلَيْهِ فَهُوَ أَيْضا مُحدث على مَا قد بَينا فِيمَا خلا من كتَابنَا هَذَا والمعدود لم يُوجد قطّ إِلَّا ذَا عدد وَالْعدَد لم يُوجد قطّ إِلَّا فِي مَعْدُود وَالْوَاحد لَيْسَ عددا على مَا نبينه بعد هَذَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَبِه يتم الْكَلَام فِي التَّوْحِيد بحول الله وقوته
قَالَ أَبُو مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ وهم يَقُولُونَ أَن الْإِلَه اتَّحد مَعَ الْإِنْسَان بعنى أَنَّهُمَا صَارا شَيْئا وَاحِدًا فَقَالَت اليعقوبية كاتحاد المَاء يلقِي الخمير فيصيران شَيْئا وَاحِدًا وَقَالَت النسطورية كاتحاد المَاء يلقِي فِي الزَّيْت فَكل وَاحِد مِنْهُمَا بَاقٍ بِحَسبِهِ وَقَالَت الملكية كاتحاد النَّار فِي

اسم الکتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 51
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست