responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 42
ثمَّ يَتُوب عَن كل ذَلِك من الْقَاتِل الظَّالِم أهوَ النُّور أم الظلمَة وَمن النَّائِب النُّور أم الظلمَة فَأَي ذَلِك قَالُوا فَهُوَ هدم مَذْهَبهم وَقد جوزوا الاستحالة فَإِن قَالُوا معنى دعائنا إِلَى مَا نَدْعُو إِلَيْهِ من ذَلِك إِنَّمَا هُوَ حض للنور على الْمَنْع للظلمة من ذَلِك قيل لَهُم أَكَانَ النُّور قَادِرًا على منعهَا قبل دعائكم أم لَا فَإِن قَالُوا كَانَ قَادِرًا قيل لَهُم فقد ظلم بِتَرْكِهِ إِيَّاهَا تظلم وَهُوَ يقدر على منعهَا قبل دعائكم وَإِن قُلْتُمْ لم يذكر حَتَّى نبه قيل لَهُم فَهَذَا نقص مِنْهُ وَجَهل وصفات شَرّ لَا تلِيق بِالنورِ على قَوْلكُم وَهَذَا مَالا انفكاك لَهُم مِنْهُ وَأَيْضًا فَيُقَال لَهُم إِن الدَّاعِي مِنْكُم إِلَى دينه لَا يَقُول لمن دَعَاهُ كف غَيْرك عَن ظلمه إِنَّمَا يَقُول لَهُ كف عَن ظلمك وارجع عَن ضلالك وَلَقَد أَحْسَنت فِي رجوعك عَن الْبَاطِل إِلَى الْحق فَإِن كُنْتُم تأمرون بِأَن يُخَاطب بذلك الظلمَة فَالْأَمْر بذلك كَاذِب آمُر بِالْكَذِبِ وَإِن كُنْتُم تأمرون بِأَن يُخَاطب بذلك النُّور فَالْأَمْر بذلك أَيْضا كَاذِب آمُر بِالْكَذِبِ = فَإِن قَالُوا فإي معنى لدعائكم إِلَى الْخَيْر وَقد سبق علم الله تَعَالَى فِيمَن يُعلمهُ وَمن لَا يُعلمهُ قيل لَهُم جَوَاب بَعْضنَا فِي هَذَا هُوَ أَن كل من يدعى إِلَى الْخَيْر فممكن وُقُوعه مِنْهُ وممكن أَيْضا فعل الشَّرّ مِنْهُ ومتوهم كل ذَلِك مِنْهُ فَوجه دعائنا لَهُ مَعْرُوف وَلَيْسَ علم الله تَعَالَى إجباراً وَإِنَّمَا هُوَ أَنه تَعَالَى علم مَا يختاره العَبْد وَجَوَاب بَعْضنَا فِي ذَلِك هُوَ أَن فَاعل كل مَا يَبْدُو فِي الْعَالم فعل خلق وإبداع فَهُوَ الله عز وَجل لَا يتعقب عَلَيْهِ فَهُوَ خَالق دعائنا من تَدعُوهُ فَإِن ذَلِك كَذَلِك فَلَا يجوز سُؤال الْخَالِق لما شَاءَ بلم فعلت وَهَذَا هُوَ الْجَواب الَّذِي نختاره وَيُقَال لَهُم أَيْضا أخبرونا عَن ماني والمسيح وزرادشت وَأَنْتُم تعظمونهم أفيهم ظلمَة أم كَانُوا أنورا مَحْضَة فَمن قَوْلهم وَلَا بُد أَن فيهم ظلمَة لأَنهم يَتَغَوَّطُونَ ويجزعون ويألمون فَيُقَال لَهُم فَلم عجز النُّور الَّذِي فِيكُم عَن مثل ذَلِك فَإِن قَالُوا لقلته قيل لَهُم فَكَانَ يجب أَن يَأْتِي من المعجزات وَلَو بِيَسِير على قدره وَهَذَا مَا لَا مخلص لَهُم مِنْهُ أصلا وَيُقَال لَهُم أَيْضا إِن من الْعَجَائِب إلزامكم ترك النِّكَاح لتعجلوا قطع النَّسْل فهبكم قدرتم على ذَلِك فَكيف تَصْنَعُونَ فِي الْوَحْش وَالطير وَسَائِر الْحَيَوَان الْبري والحشرات وحيوان الْمِيَاه والبحار الَّتِي تقتل بَعْضهَا بَعْضًا أَشد من قتل بعض النَّاس لبَعض وَأكْثر فَكيف السَّبِيل إِلَى قطع تناسلها وفراع امتزاجها وَهَذَا مَا لَا سَبِيل لكم إِلَيْهِ أصلا فَإِن كَانَ النُّور عَاجِزا عَن قطعهَا فَلَا سَبِيل لَهُ إِلَى خلاص أَجْزَائِهِ أَبَد الْأَبَد وَإِن كَانَ على ذَلِك قَادِرًا فَلم لم يعجل خلاص أَجْزَائِهِ وَلم يَتْرُكهَا تردد فِي الظُّلُمَات وأعجب شَيْء مَنعهم من الْقَتْل وَهَذَا عون مِنْهُم على بَقَاء المزاج وعَلى منع الْخَلَاص واستنقاذ

اسم الکتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 42
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست