responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 40
نقلة مكانية وَكَذَلِكَ السّكُون جنس وَاحِد كُله فَإِنَّمَا أمرنَا تَعَالَى بِفعل بَعْضهَا ونهانا عَن فعل بَعْضهَا وَلم يفعل هُوَ الْحَرَكَة قطّ على أَنه متحرك بهَا وَلَا السّكُون على أَنه سَاكن بِهِ وَإِنَّمَا فعلهمَا على سَبِيل الإبداع فتحركنا نَحن بحركة نهينَا عَنْهَا وسكوننا بِسُكُون نهينَا عَنهُ هُوَ الشَّرّ
وَكَذَلِكَ اعْتِقَاد النَّفس مَا نهبت عَنهُ وَهَذَا كُله غير مَوْصُوف بِهِ الْبَارِي تَعَالَى وَإِن قَالُوا علمنَا ذَلِك ببداهة الْعقل قيل لَهُم وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق أَلَيْسَ الْعقل قُوَّة من قوى النَّفس وداخلاً تَحت الْكَيْفِيَّة على الْحَقِيقَة أَو تَحت الْجَوْهَر على قَول من لَا يحصل فَلَا بُد من نعم فَيُقَال لَهُم إِنَّمَا يُؤثر الْعقل مَا هُوَ من شكله فِي بَاب الكيفيات فيميز بَين خطئها وصوابها وَيعرف أحوالها ومراتبها وَأما فِيمَا هُوَ فَوْقه وَفِيمَا لم يزل الْعقل مَعْدُوم وَفِي مخترع الْعقل ومرتبه كَمَا هُوَ فَلَا تَأْثِير لِلْعَقْلِ فِيهِ إِذْ لَو أثر فِيهِ لَكَانَ مُحدثا على مَا قدمنَا من أَن الْأَثر من بَاب الْمُضَاف فَهِيَ تَقْتَضِي مؤثراً فَكَانَ يكون الْبَارِي تَعَالَى منفعلاً لِلْعَقْلِ وَكَانَ يكون الْعقل فَاعِلا فِيهِ تَعَالَى وحاكماً عَلَيْهِ جلّ الله عَن ذَلِك
وَقد بَينا فِي كتَابنَا هَذَا أَن الْبَارِي تَعَالَى لَا يُشبههُ شَيْء من خلقه بِوَجْه من الْوُجُوه وَلَا يجْرِي مجْرى خلقه فِي معنى وَلَا حكم وَذكرنَا أَيْضا فِيهِ إبِْطَال قَول من قَالَ بِتَسْمِيَة الْبَارِي حَيا أَو حكيماً أَو قَادِرًا أَو غير ذَلِك من سَائِر الصِّفَات من جِهَة الِاسْتِدْلَال حاشى أَرْبَعَة أَسمَاء فَقَط وَهِي الأول الْوَاحِد الْحق الْخَالِق فَقَط وَهِي الْأَسْمَاء هِيَ الَّتِي لَا يَسْتَحِقهَا شيءٌ فِي الْعَالم غَيره فَلَا أول سواهُ الْبَتَّةَ وَلَا وَاحِد سواهُ الْبَتَّةَ وَلَا خَالق سواهُ الْبَتَّةَ وَلَا حق سواهُ الْبَتَّةَ على الْإِطْلَاق وكل مَا دونه تَعَالَى فَإِنَّمَا هُوَ حق بالباري تَعَالَى وَلَوْلَا الْبَارِي تَعَالَى مَا كَانَ شيءٌ فِي الْعَالم حَقًا وكل مَا دونه تَعَالَى فَإِنَّمَا حق بِالْإِضَافَة وَلَوْلَا أَن السّمع قد ورد بِسَائِر الْأَسْمَاء الَّتِي ورد الْخَبَر الصَّادِق بهَا مَا جَازَ أَن يُسمى الله عز وَجل بشسء مِنْهَا وَلَكِن قد بَينا فِي مَكَانَهُ من هَذَا الْكتاب على أَي شَيْء تَسْمِيَته بِمَا ورد السّمع وَإِن ذَلِك تَسْمِيَة لَا يُرَاد بهَا غَيره تَعَالَى وَلَا يرجع مِنْهَا إِلَى شَيْء سواهُ الْبَتَّةَ وَأَيْضًا فَإِن دليلهم فِيمَا سموا بِهِ الْبَارِي تَعَالَى وأجروه عَلَيْهِ إقناعي شغبي وَفِيه نشبيه للخالق بخلقه وَفِي تشبيههم لَهُ بخلقه حكم عَلَيْهِ بالحدوث وَأَن يكون الْفَاعِل مَفْعُولا وَقد قدمنَا إبِْطَال ذَلِك وَيُقَال لَهُم إِن التزمتم أَن يكون فَاعل فِيمَا عندنَا عابثاً فقررتم بذلك على أَن يكون فَاعل الْعَالم وَاحِدًا وقدد علمنَا فِيمَا بَينا أَن تَارِك الشَّيْء لَا يُغَيِّرهُ وَهُوَ قَادر على

اسم الکتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 40
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست