responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 133
وَمن ولد لَك بعدهمَا ينسبان إِلَيْك قُلْنَا لَا يَخْلُو يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام من أَن لَا يكون لَهُ ولد غَيرهمَا مِمَّا أعقب خَاصَّة كَمَا نقُول نَحن وَتشهد بِهِ نُصُوص توراتكم وَجَمِيع كتبكم أَو يكون ليوسف ولد أعقب غير أفرايم ومنشا فَلَو كَانَ ذَلِك فكتبكم كلهَا كَاذِبَة أَولهَا عَن آخرهَا من التَّوْرَاة فَمَا وَرَاءَهَا لِأَنَّهُ فِي كل مَكَان ذكر فِيهِ رُتْبَة معسكر الأسباط سبطاً سبطاً وعددهم إِذْ خَرجُوا من مصر وعددهم إِذْ دخلُوا الشَّام وعددهم إِذْ أهدوا الكباش والعجول وحقاق الذَّهَب وعددهم إِذْ وقفُوا على الجبلين للبركة واللعنة وعددهم إِذْ نقشت أَسمَاؤُهُم فِي الفصوص الْمرتبَة على صدر هَارُون فِي أَزِيد من ألف مَوضِع فِي سَائِر كتبهمْ وَلم يذكر ليوسف الإسبطين فَقَط سبط منشا وسبط أفرايم فَبَطل الِاعْتِرَاض بذلك الْكَلَام الْمَذْكُور وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق وَقد علم كل من يُمَيّز من الرِّجَال وَالنِّسَاء أَن الْكَثْرَة الْخَارِجَة من الْأَوْلَاد لم تُوجد فِي الْعَالم لصعوبة الْأَمر فِي تربية أَطْفَال النَّاس وَلكَون الْإِسْقَاط فِي الْحَوَامِل ولإبطاء حمل الْمَرْأَة بَين بطن وبطن ولكثرة الْمَوْت فِي الْأَطْفَال فَهَذِهِ أَربع عوارض قواطع دون الْكَثْرَة الخارجية فِي الْأَوْلَاد للنَّاس ثمَّ كَون الْإِنَاث فِي الولادات أَيْضا وَلَو طلبنا أَن نعد من عَاشَ لَهُ عشرُون ولدا فَصَاعِدا من الذُّكُور بلغُوا الْحلم فَمَا وجدناهم إِلَّا فِي الندرة ثمَّ فِي الْقَلِيل من الْمُلُوك وَذَوي الْيَسَار المفرط الَّذين تَنْطَلِق ايديهم على الْكثير من النِّسَاء وَالْإِمَاء ثمَّ على الخدام اللواتي هن العون على التربية والكفاية وعَلى كَثْرَة المَال الَّذِي لَا يكون المعاش إِلَّا بِهِ وَأما من لَا يجد إِلَّا الكفاف وفوقه مِمَّا لَا يبلغ الْإِكْثَار من الوفر وَلَا يقدر إِلَّا على الْمَرْأَة والمرأتين وَنَحْو ذَلِك فَلَا يُوجد هَذَا فيهم الْبَتَّةَ بِوَجْه من الْوُجُوه وَلَا يُمكن ذَلِك أصلا لَهُم لما ذكرنَا آنِفا من القواطع الْمَوَانِع وَقد شاهدنا النَّاس وبلغتنا أَخْبَار أهل الْبِلَاد الْبَعِيدَة وَكثر بحثنا عَمَّا غَابَ منا ووصلت إِلَيْنَا التواريخ الْكَثِيرَة الْمَجْمُوعَة فِي أَخْبَار من سلف من عرب وعجم فِي كثير من الْأُمَم فَمَا وجدنَا فِي ذَلِك الْمَعْهُود من عدد أَوْلَاد الذُّكُور فِي المكثرين الَّذين يتحدث بهم عِنْد كَثْرَة الْوَلَد إِلَّا من أَرْبَعَة عشر ذكرا فَأَقل وَأما مَا زَاد إِلَى الْعشْرين فنادر جدا هَذِه الْحَال فِي جَمِيع بِلَاد أهل الْإِسْلَام وَالَّذِي بلغنَا عَن ممالك النَّصَارَى إِلَى أَرض الرّوم وممالك الصقالبة وَالتّرْك والهند والسودان قَدِيما وحديثاً وَأما الثَّلَاثُونَ فَأكْثر فَمَا بلغنَا ذَلِك إِلَّا عَن نفر يسير عَمَّن سلف مِنْهُم أنس بن مَالك الْأنْصَارِيّ وَخَلِيفَة بن أبي السَّعْدِيّ وَأَبُو بكرَة فَإِن هَؤُلَاءِ لم يموتوا حَتَّى مشي بَين يَدي كل وَاحِد مِنْهُم مائَة ذكر من وَلَده وَعمر بن عبد الْملك فَإِنَّهُ كَانَ يركب مَعَه سِتُّونَ رجلا من وَلَده وجعفر بن سُلَيْمَان بن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس فَإِنَّهُ عَاشَ لَهُ أَرْبَعُونَ ذكر من وَلَده سوى أبنائهم وَعبد الرَّحْمَن بن الحكم ابْن هِشَام بن عبد الرَّحْمَن بن مُعَاوِيَة فَإِنَّهُ ولد لَهُ خَمْسَة وَأَرْبَعُونَ ذكرا عَاشَ مِنْهُم نَيف وَثَلَاثُونَ ومُوسَى ابْن إِبْرَاهِيم بن مُوسَى بن جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب فَإِنَّهُ بلغ لَهُ مِنْهُم مبلغ الرِّجَال وَاحِد وَثَلَاثُونَ ابْنا ذُكُورا كلهم وَكَانَ أَبوهُ أَمِيرا على الْيمن مرّة قَائِما وَمرَّة والياً لِلْمَأْمُونِ ووصيف مولى المعتصم التركي كَانَ لَهُ خَمْسَة وَخَمْسُونَ ذكرا بالغون من وَلَده الأدنين وتامرت مولي بني مُنَاد صَاحب طرابلس

اسم الکتاب : الفصل في الملل والأهواء والنحل المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 133
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست